السيد فضل الله للمسؤولين: إتقوا سطوة هذا الشعب الذي لن يصفح عنكم

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية: “فلنحمل من شهر رمضان إلى كل السنة ما تزودناه منها في هذا الشهر المبارك هذه التقوى التي تجعلنا نراقب الله في كل أمر نقدم عليه ونحسب حسابه فيه فلا نقدم رجلا ولا نؤخر أخرى أو نطلق كلمة أو نتخذ موقفا حتى نعلم أن فيه رضا لله، ومتى فعلنا ذلك سنكون أقوى وأقدر على مواجهة التحديات..”.
وأضاف: “البداية من لبنان الذي بدأ يتجه نحو الكارثة التي سوف تنتج عن رفع الدعم عن الدواء والسلع الضرورية والغذاء والمحروقات وهو إن لم يعلن عنه رسميا لكن بدأت تشهد بذلك طوابير السيارات التي تقف لساعات أمام محطات البنزين لتعبئة المحروقات وقد لا تجدها أو في عدم توافر الكثير من أصناف الأدوية في الصيدليات ما دفع ذلك البعض منها إلى الاقفال أو في ارتفاع أسعار اللحوم بشكل غير مسبوق لعدم وجود المدعوم منه وصولا إلى العتمة الحتمية التي يبشر بها الناس لعدم توافر الفيول لمعامل الكهرباء يضاف إلى ذلك كل ما يعانيه اللبنانيون على الصعيد المعيشي والحياتي…في هذا الوقت لا يزال المسؤولون يشيعون أجواء من التفاؤل غير واقعية للتخفيف من وقع الكارثة التي تسببوا بها بالحديث عن بطاقة تمويلية لم يتوافر لها المال اللازم لتمويلها حتى الآن ولا يبدو انه سيتوافر أو بالحديث عن إعادة أموال المودعين الذي بدأ من أواخر الشهر الماضي فيما الكل يعرف أن وضع الخزينة والمصارف لا يسمحان بإمكانية ذلك أو أن هناك حلولا على مستوى المنطقة ستنعكس على لبنان الذي يعرف فيه القاصي والداني ان لا حلولا سريعة في هذا المجال وهي أن حصلت لن يكون لبنان ضمن أولوياتها”.
وتابع: “رغم كل هذه الصورة القاتمة عن واقع البلد وإنسانه لا يزال من يتصدرون المواقع السياسية على حالهم في إدارة الظهر لكل ما يجري ويتصرفون أمام كل هذه الأزمات التي تقض مضاجع اللبنانيين وتهدد لقمة عيشهم واستقرارهم على قاعدة ان البلد بألف خير فالحكومة المطلوب منهم تشكيلها في أسرع وقت لا تزال أسيرة التعطيل بفعل تضارب المصالح وسعي كل فريق للامساك بقرارها تحصينا لموقعه السياسي في هذا البلد أو داخل طائفته أو انتظارا للاتي فيما ليس في الوارد تفعيل حكومة تصريف الأعمال التي من مسؤوليتها أن تدير شؤون البلد إلى حين تأليف الحكومة، وأن لا تبقيه في مرحلة الانتظار سوى من مسكنات…لقد أصبح واضحا أن هذا البلد أصبح متروكا لمصيره بعدما مل من في الداخل والخارج من القيام بأي مبادرة للحل ويأسوا ممن يديروه وما على اللبنانيين إلا أن يتدبروا أمرهم ويتعاونوا في ما بينهم ليقلعوا أشواكهم التي باتت تنهشهم على كل الصعد. إننا أمام كل ما يجري نحذر من هم في مواقع المسؤولية من البقاء على إدارة الظهر لما يعانيه اللبنانيون وان يتقوا سطوة هذا الشعب الذي لن يصفح عمن كانوا سببا في ايصاله لما وصل إليه”.
وعما يجري في فلسطين قال: “يقف الشعب الفلسطيني بكل اقتدار وعنفوان واستعداد للتضحية بالغالي والنفيس في تصديه لممارسات العدو الصهيوني في القدس أو في وجه سياسة التدمير الممنهج للحجر والبشر في غزة والتي أدت إلى سقوط العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى فضلا عن تدميره لعشرات المباني والوحدات السكانية والمرافق الحيوية أو عبر ممارسات مستوطنيه تجاه هذا الشعب داخل أراضي 48. ومع الأسف يجري كل ذلك من دون أن يتحرك العالم للوقوف مع هذا الشعب في مواجهته للألة الصهيونية ويكتفي ببيانات الإدانة والشجب والاستنكار. إننا في الوقت الذي نحيي فيه بسالة مقاومة هذا الشعب وصموده الابي والحي نجدد دعوتنا لكل الشعوب العربية والإسلامية أن يعلو صوتها ويكون هادرا، وأن تكون بمستوى هذا التحدي الذي يمس مقدساتها ويهدد استقرارها وأمنها. وفي هذا الإطار تمر علينا الذكرى الثالثة والسبعين للنكبة، والتي هي مناسبة لشحن الذاكرة بالمآسي التي قام بها العدو في العام 1948 في تدميره للقرى، وارتكابه للمجازر، وتشريده لشعب بأكمله، وتهجيره من أرضه…. إننا نريد لهذه المناسبة أن لا تمر علينا مرور الكرام، كما اعتدنا، بقدر ما نريدها أن تسهم في زيادة الوعي لأهمية القضية، بعدما صرنا نسمع مقولات من نوع: ما لنا ولفلسطين؟.. وما علاقتنا بها؟.. ليتحمل شعب فلسطين المسؤولية عن أرضه..وفي الوقوف مع الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة وكل المراحل…. والمناسبة الثانية وهي ذكرى اتفاق السابع عشر من أيار، الذي يذكرنا بالموقف الذي انطلق من بئر العبد، ومن مسجد الإمام الرضا، الرافض لهذا الاتفاق الذليل وشكل الشرارة التي أدت إلى إلغاء هذا الاتفاق ومفاعيله، ومنع العدو الصهيوني من الاستثمار في احتلاله 1982”.
وختم فضل الله: “إن هذه الذكرى تعيد التأكيد للشعوب بأنها قادرة على الوقوف في وجه أية مؤامرات تستهدفها في أرضها أو ثرواتها، ولو كانت مدعومة بأساطيل العالم، إذا امتلكت الوعي الصحيح، والإيمان العميق، والحكمة، والإرادة الصلبة، والاستعداد للتضحية”.

مواضيع ذات صلة:

Post Author: SafirAlChamal