هل يُنقذ الرئيس ميشال عون ما تبقى من عهده؟… غسان ريفي

لم يعد هناك من داع للانتقاد أو الاشارة الى فشل عهد الرئيس ميشال عون، فالأزمات التي تتوالد تتحدث عن نفسها وهي تترجم يوميا بسلسلة من الصعوبات المعيشية، بطالة وفقرا غلاء وجوعا ومرضا ويأسا، بما يُخرج المواطنين عن أطوارهم ويدفعهم الى إستخدام العنف الذي يُنتج فوضى وإشكالات وإطلاق نار وجرحى وقتلى، يضاف الى ذلك الفلتان الأمني من خلال الاعتداءات والسرقات الى السطو المسلح، والاهمال الكبير الذي تسبب بتدمير بيروت بفعل إنفجار المرفأ، وكذلك الانهيار الاقتصادي الذي أوصل سعر صرف الدولار الأميركي الى أرقام فلكية.

لا يمتلك العهد ترف الوقت، فالفترة المتبقية له هي فقط سنة وستة أشهر بالتمام والكمال، بما يرفع التحدي امامه للاسراع في القيام بأي خطوة إصلاحية حقيقية أو إنجاز ملموس لتقديمه الى اللبنانيين والى التاريخ الذي يكتب ويسجل ويحفظ، في وقت يبدو فيه الأفق السياسي مسدودا بالكامل بفعل الخلافات والصراعات التي تخرج من إطار الوطني الى الاطار الشخصي ما يُعقد الأمور أكثر فأكثر.

لا يستطيع الرئيس ميشال عون أن ينفض يده من كل ذلك وأن يرفع عنه المسؤولية بحجة التركة الثقيلة، أو غياب الصلاحيات، فالتاريخ غدا سيتحدث عن عهد ممهور بإسمه، وفي حال إستمر الوضع على ما هو عليه من تجاذبات وتصفية حسابات وتعطيل وفراغ، فإن هذا العهد سيقترن بالفشل، مهما جاول البعض تقديم مبررات وأعذار أو إعطاء أسباب تخفيفية، لذلك فإن مسؤولية إنقاذ العهد في ما تبقى له من وقت هو من مسؤولية الرئيس عون كونه المسؤول المباشر الذي من المفترض أن يكون الحكم بين اللبنانيين ورمز وحدتهم الوطنية والمؤتمن على الدستور، لا أن يكون طرفا سياسيا، يغطي التجاوزات، ويتغاضى عن فتاوى تصدر من قصر بعبدا لضرب الدستور الذي أقسم اليمين على حمايته.

صحيح أن الرئيس عون لا يتحمل المسؤولية بمفرده عما وصلت إليه حال البلاد على كل الصعد، لكن يمكن القول إنه ومنذ عودته الى لبنان من منفاه الباريسي عام 2005، قدم نفسه على مدار 11 عاما بأنه المنقذ والقادر على القيام بالاصلاح والتغيير، وبناء الدولة المدنية وتحصينها بالعدالة الاجتماعية، وتأمين إستقلالية القضاء ومكافحة الهدر والفساد، وتحسين صورة لبنان في العالم، ما دغدغ مشاعر اللبنانيين الذين منحوه مسؤولية تمثيلهم بأكبر كتلة نيابية مسيحية في ثلاث دورات إنتخابية ومن ثم إرتضوا به رئيسا للجمهورية لتحقيق هذه الشعارات وترجمتها في مؤسسات الدولة.

لكن بعد أربع سنوات ونصف السنة على وصول عون الى سدة الرئاسة، وجد اللبنانيون أنهم كانوا يتبعون “سرابا يحسبه الظمآن ماء”، وأن من بنى في أذهانهم الجمهورية الفاضلة سارع الى إعلان عجزه عن إقامتها بشعارات لم تقنع أحدا، خصوصا في ظل آداء سياسي يُرسم حوله العديد من علامات الاستفهام.

 لا شك في ان الرئيس عون يقف امام مفترق طرق فإما ان يسارع الى تحسين صورة عهدة في الفترة المتبقية من الولاية ويبدأ من التشكيلات القضائية لتعزيز القضاء الذي تعتبر استقلاليته وعدم استخدمه لتصفية الحسابات السياسية، الخطوة الاولى على طريق الاصلاح، فضلا عن التوافق مع الرئيس سعد الحريري على تنازلات متبادلة لتشكيل الحكومة والبدء بعملية الانقاذ من دون خلفيات انتقامية شخصية، وإما ان يمنح عهده العلامة الكاملة في الفشل..

علما انه عندما يتنازل رئيس الجمهورية فهذا لا يعني انكسارا له، لأنه بذلك يتنازل من اجل المصلحة الوطنية المؤتمن عليها، وذلك على خلاف رئيس الحزب الذي يرفض الانكسار مراعاة لشعبيته وشارعه.

وهذا يعني ان الجنرال عون عليه ان يختار بين رئيس الجمهورية وبين رئيس الحزب ليبنى على الشيء مقتضاه.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal