طرابلس.. المدينة الفقيرة لربها الغنيّة بأهلها… رغيد الأدهمي

أكثر ما يستفزني هو أن يقال عن طرابلس أنها المدينة الأفقر على البحر المتوسط، فيما طرابلس أغنى من ذلك بكثير.

هذه المدينة الفقيرة لربها الغنيَّة بطيبة أهلها تعاني اليوم إجحافاً لا تستحقه وإهمالا ممنهجاً عطَّل مقوماتها الحيوية وحولها الى مدينة تنتظر الشفقة والرحمة ممن يحبها ولا يستطيع التخلي عنها.

يلعب المغتربون الطرابلسيون الدور الأبرز في دعم المدينة وإسعافها لتصمد وتقاوم الإنهيار والفقر والبؤس والحرمان.

تتمتع طرابلس بمقومات جغرافية وإقتصادية تجعل منها مدينة منتجة فاعلة فهي تملك المعرض والمرفأ والمدينة القديمة التراثية والأسواق الشعبية وتتميز بالصناعات المحلية والمنتوجات الحرفية والمأكولات الشهية والحلويات الشرقية، فيما تفتقد التنمية الاقتصادية والرعاية الخدماتية والصناعية.

لقد عانت طرابلس على مر سنوات طوال من معارك مفتعلة بين التبانة وجبل محسن واستهدفت بانفجاري التقوى والسلام وحوصر اقتصادها بشكل مستمر ولم يكتب النور لمنطقتها الاقتصادية، لكنها أثبتت أنها عروس للثورة ومثال حضاري يحتذى في الدفاع عن حقوقها وكرامتها.

ما تعانيه اليوم طرابلس كما كل لبنان هو ليس بالتأكيد وليد اللحظة انما هو تراكم بائس للتهميش والاستغلال وسلب الحقوق وحجب كل ما من شأنه أن يعيدها الى الخريطة الاقتصادية الصحيحة.

لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر، فالمدينة لن تعيش على الاعاشات،

فهذه المساعدات على أهميتها لن تحيي المدينة، ومهما كثرت أو كبرت فهي لن تختلف عن كونها دعم مباشر يسعف ولا يعالج لا بل يدفع المدينة المريضة لأن تتعود ويتعود أهلها على هذا النوع من الاسعاف المرحلي المتكرر الذي يساهم في المزيد من الكسل والبطالة على حساب التنمية والانتاج.

طرابلس اليوم بحاجة ماسة الى مقومات تنموية تعطي الفرصة لأبناءها وشبابها أن يشاركوا في تنميتها ويتحولوا مَن منتظر للاعاشة الى عامل ومنتج.

هو ليس بالأمر السهل فلا ثقة بالاستثمار ولكن لا بد من المحاولة وهذه المحاولة لن تأتي الا من ابناء المدينة والحريصين عليها.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal