قراءة في المشهد السياسي.. الحريري يشكو عون وباسيل الى البابا!… غسان ريفي

في ظل الوقت الضائع، يلهو بعض المسؤولين على حساب آلام ومعاناة اللبنانيين، من تمرد غادة عون وإستقوائها على القضاء برئيس الجمهورية ميشال عون الذي أعطى توجيهاته أمس الى الأمنيين بعدم التعرض للمتظاهرين ″خصوصا إذا ما كانوا برتقاليي الهوى″، الى إنتحال جبران باسيل صفة ممثل المسيحيين، وتبشيره اللبنانيين بالصلب لانتزاع الحقوق، وصولا الى ″البهلوانيات″ السياسية التي تخيم على قصر بعبدا للتغطية على فضيحة ترسيم الحدود، وعدم تشكيل الحكومة، والأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تؤكد بما لا يقبل الشك فشل ″العهد القوي″.

يبدو واضحا أن باسيل منزعج جدا من زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى الفاتيكان، وقد وجد المتابعون في زيارته الى بكركي أمس الأول محاولة للتغطية على هذه الزيارة، وإستجداء للبطريرك لتأمين موعد له لدى الكرسي الرسولي، خصوصا أن من يسمع تصريح باسيل الذي كان فارغا من حيث المضمون ولم يقدم جديدا على صعيد تشكيل الحكومة، يدرك تماما أن الزيارة والتصريح كانا لزوم ما لا يلزم.

يمكن القول، إن إنزعاج باسيل كان في محله، خصوصا أن الحريري الذي إستُقبل بحفاوة في حاضرة الفاتيكان وعقد سلسلة إجتماعات، قدم شكوى رسمية الى البابا فرنسيس بحق ميشال عون وجبران باسيل بتهمة تعطيل الحكومة التي نجح في تسويقها لدى أعلى مرجع مسيحي في العالم ولدى الدول التي زارها، كما سحب من تحت أقدام باسيل بساط حقوق المسيحيين وسعيه لانتزاعه، عندما قدم للحبر الأعظم شرحا عن الواقع اللبناني والعيش المشترك القائم على المناصفة وفقا لوثيقة الطائف التي تشهد حربا شعواء من التيار البرتقالي.

كما جاء إعلان الحريري بأن البابا فرنسيس لن يزور لبنان إلا بعد تشكيل الحكومة ليشكل مزيدا من الضغط على الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي وعلى فريقه السياسي.

تقول مصادر مقربة من قصر بعبدا وميرنا الشالوحي: إن الحريري هو من يعطل تشكيل الحكومة، خوفا من إستحقاقات كبيرة ستواجهه لن يستطيع تحمل تداعياتها، وفي قدمتها شروط صندوق النقد الدولي من الاصلاحات ودمج المصارف والتدقيق الجنائي والكابيتال كونترول، وترشيق القطاع العام، وكذلك ترسيم الحدود مع سوريا والعدو الاسرائيلي، والانتخابات النيابية، وملف النازحين الذي سيفرض عليه التعاطي مع الحكومة السورية بالتزامن مع إعادة إنتخاب بشار الأسد رئيسا لسوريا في الإستحقاق الرئاسي في أيار المقبل.

تتهم هذه المصادر الحريري بأنه هو من أفشل لقاء باسيل مع ماكرون الذي كان يسعى لجمعهما في قصر الأليزيه، وأن الرئيس ماكرون أبدى إنزعاجه من الرئيس المكلف جراء هذا التصرف اللامسؤول.

وتنقل المصادر نفسها عن باسيل في جلسات خاصة قوله: إن الأمير محمد بن سلمان لا يسمح للحريري باللقاء معه ويمنعه من تشكيل الحكومة، وما علاقتنا نحن إذا كانت علاقة بن سلمان سيئة مع الحريري وما ذنب اللبنانيين أن يدفعوا ثمن ذلك.

بالمقابل ترفض مصادر بيت الوسط هذا الكلام جملة وتفصيلا، وتؤكد أن الحريري يريد تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد وأن تشكيلته الوزارية موجودة في أدراج رئيس الجمهورية الذي يستطيع أن يُحرج الرئيس المكلف ويوافق عليها بعد إجراء تعديلات بسيطة عليها، لافتة الانتباه الى أن باسيل يخوض معركة وجوده السياسي، لذلك فإنه يعطل الحكومة الى أن يحصل على الثلث المعطل، وعلى الوزارات الأمنية والعدلية، وعلى تسمية الوزراء المسيحيين من خارج المردة (2) والقومي (1) والطاشناق (1).

وترى هذه المصادر أن باسيل يعيش عقدة الحريري الذي سبقه بخطوات متقدمة لا سيما على صعيد جولاته العربية والأجنبية وخصوصا زيارتي موسكو والفاتيكان، في حين أن باسيل بات مقطوعا من شجرة سياسية، ومعزولا وتقتصر جولاته بين قصر بعبدا واللقلوق.

في ظل هذه الأجواء الملبدة بغيوم الخلافات المترافقة مع إنسداد الأفق، لا يبدو أن ثمة حلا قريبا للأزمة، ما يجعل البلد والحكومة والقضاء والمؤسسات والشعب في أحضان العفاريت التي تلعب بها على حافة الهاوية.

في غضون ذلك، تصرّ بعض المصادر المتفائلة على أن هناك إيجابية تلوح في الأفق وقد تترجم إتفاقا مفاجئا بين كل الأطراف السياسية.

في حين توقف مراقبون مليا عند الكلام الدقيق والخطير لنائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي عن إستلام الجيش السلطة، لافتين الى أنه أثار فضول كثيرا من المعنيين بالشأن اللبناني لمعرفة ما إذا كان الفرزلي ينطق عن هواه، أم هو وحي من جهات معينة.

بعض المطلعين على تطور العلاقة بين الفرزلي والعهد، يؤكدون أنها مقطوعة منذ نحو ستة أشهر، واضعين ما ساقه الفرزلي من كلام في إطار النكايات السياسية، خصوصا أن لديه حساب كبير مع سليم جريصاتي يريد أن يصفيه!…  


مواضيع ذات صلة:


 

 

Post Author: SafirAlChamal