تحذير عون حول التدقيق الجنائي.. دفع للانجاز أم رفع للمسؤولية؟… غسان ريفي

كانت لافتة التغريدة التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون عبر حسابه على ″تويتر″ والتي حذر فيها وزارة المال والمصرف المركزي المجتمعين اليوم مع شركة ″ألفاريز″ من أي محاولة لتعطيل التدقيق الجنائي وتحميلهما المسؤولية بإسم الشعب اللبناني.

لا شك في أن تغريدة عون حمّالة أوجه، فبقدر ما تظهره من حرص رئاسي ومتابعة شكلية على إتمام التدقيق الجنائي، تتضمن بالقدر نفسه رفعا لمسؤولية بعبدا عن أي سلبية يمكن أن تنتج عن الاجتماع، وهو أمر لا يمكن لرئيس البلاد أن يتنصل منه، كونه المسؤول الأول عن كل مؤسسات الدولة من وزارة المال الى مصرف لبنان.

لا يليق برئيس الجمهورية مخاطبة المسؤولين لديه عبر “تويتر”، كما لم يكن من الجائز له دعوة الرئيس المكلف لمناقشة تشكيل الحكومة معه عبر الاعلام، خصوصا أن هذا السلوك الاستعراضي المستجد في الرئاسة اللبنانية يشير بوضوح إما الى إنقطاع الاتصالات في الخطوط الهاتفية الثابتة والخليوية في قصر بعبدا، أو الى إنقطاع التواصل بين الرئاسة وكل مكونات الادارة اللبنانية، ما يعني عزل شبه تام للرئيس عون عن محيطه.

كان يفترض برئيس البلاد أن يبادر الى إستدعاء وزير المال وحاكم المصرف المركزي الى بعبدا وأن يعقد معهما إجتماعا يضع فيه الخطوط العريضة للاجتماع بشركة التدقيق الجنائي، أو أن يستضيف هذا الاجتماع في مكتبه ليكون تحت رعايته بما يمكنه من تحقيق ولو بند واحد من برنامج الاصلاح والتغيير الذي يتشدق به تياره السياسي وهو التدقيق الجنائي الذي لم يبق أمامه سوى ثمانية أشهر من مدة مرسوم رفع السرية المصرفية الذي أقره مجلس النواب.

لا يختلف إثنان على أن فشل التدقيق الجنائي يعني ضرب كل الجهود السياسية المبذولة لتشكيل الحكومة والسير بعملية الانقاذ التي لا يمكن أن تنطلق، من دون أن يعرف اللبنانيون مصير ودائعهم التي ذابت في المصارف بشكل مفاجئ، ووضع عملتهم الوطنية التي تضرب أرقاما قياسية في التراجع أمام سعر صرف الدولار الأميركي، ومستقبل إقتصادهم الذي يتجه إنحدارا نحو الانهيار الكامل، وبالتالي لا ثقة أوروبية أو أميركية أو عربية أو حتى داخلية من دون خطوات واضحة وسريعة للاجابة عن هذه التساؤلات المرتبطة بشكل وثيق بالتدقيق الجنائي، فضلا عن سؤال محوري لجهة: هل بات الاصلاح ومن ضمنه التدقيق الجنائي بحاجة أيضا الى تدويل شأنه شأن تشكيل الحكومة؟.

يبدو واضحا، أنه لم يعد هناك من داع لطرح البطريرك الماروني بشارة الراعي حول تدويل الأزمة اللبنانية، كما لم يعد هناك من داع لأي إستفزاز قد يصيب حزب الله أو أي طرف يرفض الفكرة البطريركية، خصوصا بعدما دخلت أكثرية الدول الى عمق الأزمة السياسية وعملية تشكيل الحكومة.

الفاتيكان وجه دعوة عاجلة للرئيس سعد الحريري للبحث في الملف الحكومي، ويستعد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لزيارة فرنسا للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون الذي سبق وتباحث مع ولي العهد السعودي بالشأن اللبناني، وهو قد يستقبل أيضا موفدا من الرئيس نبيه بري، ومن المتوقع أن يعمل بعد ذلك على جمع الحريري وباسيل تحت قبة الأليزيه لتذليل العراقيل، في وقت يبدأ فيه وزير الخارجية المصرية سامح شكري جولة اليوم على القيادات اللبنانية موفدا من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبالتزامن يزور وفد ألماني مرفأ بيروت لدراسة خطة إعادة إعماره، ويترافق ذلك مع إهتمام أميركي بمرفأ طرابلس، وإحتضان روسي لملف النفط والغاز، واتهام تركي بالتدخل شمالا، ودعم إيراني جنوبا، وغير ذلك من تدخلات دولية وإقليمية ما خفي منها كان أعظم.

يقول مطلعون: “إن كل هذه التدخلات والجهود التي تبذل وكذلك تشكيل الحكومة في حال أبصرت النور ستبقى جميعها من دون طائل، إذا لم يبدأ العمل فعليا بالتدقيق الجنائي الذي كان يفترض برئيس الجمهورية أن يضعه في رأس سلم الأولويات وأن يتابع تفاصيله المملة من الألف الى الياء، لا أن يعتمد أضعف الايمان بتحذير إفتراضي كان لزوم ما لا يلزم”. 


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal