لبنان على أبواب كارثة صحّية: الإنهيار على مرمى حجر… عبد الكافي الصمد

في وقت متأخّر من ليل الخميس ـ الجمعة، أعلنت إدارة مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك، في بيان، أنّ ″كمية الأوكسجين الموجودة في المستشفى هي بالكاد تكفي حتى السّاعة الرابعة من عصر أمس الجمعة،  لتلبية حاجات زهاء سبعين مريض كورونا يعالجون في المستشفى، بالإضافة إلى المرضى المصابين بأمراض أخرى في قسم العناية الفائقة، ويحتاجون بدورهم إلى الأوكسجين″.

الخبر كان صادماً، ومع ذلك فإنّ أحداً لم يتحرّك أو يرفّ له جفن خشية وقوع كارثة صحية كان سيذهب ضحيتها عشرات المرضى، وأن يشهد أحد المستشفيات اللبنانية كارثة تشبه تلك التي حصلت في مدينة السلط الأردنية، في 13 آذار الجاري، وذهب ضحيتها سبعة أشخاص توفوا في المستشفى الحكومي بالمدينة كانوا مصابين بفيروس كورونا، نتيجة نقص الأوكسجين في المستشفى.

ما حصل بعد ذلك في مدينة السلط الواقعة غرب العاصمة الأردنية عمّان، أنّ أهالي الضحايا خرجوا في تظاهرات ونفّذوا إعتصامات أمام المستشفى، وحصلت مواجهات بينهم وبين القوى الأمنية والجيش الأردني الذي تدخل لاحتواء الموقف، قبل أن يتدخل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لمعالجة الموقف، تبعته إستقالة وزير الصحة نذير عبيدات من منصبه، وإيقاف 13 مسؤولاً وموظفاً في المستشفى رهن التحقيق.

كارثة مدينة السلط الأردنية بدت مرشحة لأن تتكرر في لبنان، بعد التطوّرات التي شهدها قبل أيّام، والتي تبيّن خلالها أن المستشفيات اللبنانية كانت مقبلة على كارثة من العيار الثقيل، نتيجة نفاد مادة الأوكسجين فيها، يوم الأربعاء الماضي، ما دفع وزير الصحّة حمد حسن إلى الإستعانة بسرعة بالجانب السوري، الذي لبّى النّداء اللبناني، وقدّم للبنان هبة هي عبارة عن 75 طنّاً من الأوكسجين، تكفيه لأيّام عدّة، ما أنقذ قرابة ألف مصاب بفيروس كورونا، ومرضى آخرين يعالجون في غرف العناية الفائقة في المستشفيات الحكومية والخاصة، من أن يلقوا حتفهم، ومن أن تقع كارثة غير مسبوقة في لبنان والعالم من قبل.

 لكنّ المفاجأة أنّ بعض الشّخصيات والجهات اللبنانية، ولأسباب سياسية وكيدية بحتة، رفضت الهبة السّورية، من غير أن تقدم البديل، وهي لا تملكه بالأصل، ومن غير أن تبدي أيّ إحساس وطني وإنساني تجاه مواطنين من أبناء بلدهم لم يكن يبعدهم عن أن يلقوا حتفهم سوى دقائق معدودة، لأنّ مخزون الأوكسجين في المستشفيات اللبنانية كان مهدّداً بالنفاد الكلّي يوم الأربعاء الماضي.

وزاد الطين بلّة أمس، أنّ الأحوال الجوية حالت دون وصول بواخر محمّلة بشاحنات الأوكسجين من تركيا في الوقت المناسب إلى مرفأ طرابلس، حيث يستورد لبنان الجزء الأكبر من حاجته من الأوكسجين من تركيا، نظراً لأنّ المصانع اللبنانية لا تكفي حاجة المستشفيات منه التي ازدادت في الآونة الأخيرة بعد تفشّي فيروس كورونا، ما جعل البلاد تقف على أعتاب كارثة صحية وإنسانية وأخلاقية بكلّ ما للكلمة من معنى. 

كلّ ذلك يعطي دليلاً إضافياً على أنّ الإنهيار في لبنان قد بات يشمل كلّ شيىء تقريباً، وأن قطاعاته تسقط واحدة وراء الأخرى مثل أحجار الدومينو، وأنّ البلد ما يزال ينتظر معجزة، قد لا تأتي، لإنقاذه من الإنهيار المقبل الذي قد يزيله عن الخارطة.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal