الحرب الأهلية قائمة.. ولا هدنة من دون حكومة!… غسان ريفي

بلغ لبنان قعر الانهيار سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا، وقطع اللبنانيون شوطا كبيرا باتجاه الحرب الأهلية التي تخيّم أجواءها على تفاصيل حياتهم اليومية فيشهدون نماذج منها في أماكن مختلفة تهدد حياتهم وتفتك بأرزاقهم ومدخراتهم.

الحرب الأهلية ليست مجرد إطلاق نار وقصف مدفعي بين المناطق المختلفة سياسيا أو طائفيا أو بين الأحياء والمحاور الساخنة التي يمكن تجنبها أو الهروب منها الى أماكن أكثر أمنا، بل هي أيضا عبارة عن هواجس ومخاوف وإضطرابات وحالات من الفوضى والفلتان وإنسداد الأفق، تسكن المواطنين على إختلاف توجهاتهم وترخي بظلالها القاتمة على معيشتهم  فتنغّص حاضرهم وتهدد مستقبلهم.

من نماذج الحرب الأهلية، غياب الحس الوطني لدى أركان السلطة السياسية من رأس الهرم الى قاعدته وإتساع الهوة بين مصالحهم ومكاسبهم وبين معاناة وتطلعات شعبهم. وفقدان اللبنانيين ثقتهم بدولتهم ومؤسساتها وأجهزتها وإفتقارهم للأمن والأمان والاطمئنان في مدنهم ومناطقهم وتسابق ذوو العلم والكفاءة والخبرة من مختلف المهن الى السفارات للحصول على تأشيرات للهجرة.

من نماذج الحرب الأهلية، إعتماد لغة السلاح للتخاطب بين الناس، وتنامي الاشكالات المسلحة وتحولها على مدار الساعة الى حرب شوارع، وإستسهال القتل على أتفه الأسباب من أفضلية مرور الى خلاف على دور أمام محطة وقود أو على أبواب فرن أو صيدلية أو سوبر ماركت تشهد على تقاتل المواطنين على كيس حليب أو غالون زيت أو حفنة من السكر والأرز المدعوم.

من نماذج الحرب الأهلية، التفلت الأمني من السطو المسلح الى السرقة بواسطة الكسر والخلع وسرقة السيارات، والتهريب، الى تعميم شريعة غاب يستقوي فيها القوي على الضعيف، الى إنتشار الموت المجاني برصاصات طائشة من إطلاق نار في فرح أو عزاء أو إطلالة زعيم، أو عبر حوادث سير أو دهس، أو إنفجار، أو إغتيال أو تصفية حسابات أو إنتحار بسبب القهر والنكد على أوضاع مزرية ودولة ميؤوس منها وعهد بنكهة الموت.

من نماذج الحرب الأهلية أن تكون الدولة عمياء، صماء، بكماء، ضعيفة، عاجزة، مستهترة، مجرمة، سارقة، مارقة لا تقيم وزنا لشعبها ولا لمآسيه وآلامه فتعجز عن توفير أبسط مقومات العيش الكريم لأبنائها وتدفعهم الى ركوب الموج ليعودوا جثثا على الشواطئ.

من نماذج الحرب الأهلية، ضعف هيبة المؤسسات الأمنية والعسكرية، وتحكم الموتورين بالشارع  من قطع طرقات وتسميم الأجواء بالاطارات المشتعلة، والاعتداءات على الأملاك العامة والخاصة وإذلال المواطنين وهتك الأعراض وتنفيذ الأجندات المشبوهة.

من نماذج الحرب الأهلية: الدولار المجنون والغلاء الفاحش، وغياب المواد الأساسية وضعف القدرات الشرائية، فضلا عن أزمات الخبز والمحروقات والكهرباء والأدوية والمستشفيات، والذل والفقر والجوع والبطالة، وفوق ذلك يظن أركان العهد والسلطة بأنهم يُحسنون صنعا.

يوم غد الاثنين، تتجه الأنظار الى قصر بعبدا حيث اللقاء المنتظر بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، فإما أن يتفقا على صيغة مشتركة تساهم في ولادة حكومة تفرض هدنة للحرب المستمرة ضد اللبنانيين وتبدأ بالانقاذ، أو يكونا شريكين في تدمير مقدرات البلد، ويحملان في رقبتيهما وزر فقر وجوع وقتل شعب لبنان العظيم.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal