جبل النفايات في طرابلس.. قنبلة موقوتة أو صراعات ومصالح ممقوته؟

نظم دار العلم والعلماء بالتعاون مع قطاع المرأة في تيار العزم، ومن خلال المنصة الدورية الذي اطلقها باسم “ضيف وقضية” حلقة نقاش وحوار بعنوان: جبل النفايات في طرابلس قنبلة موقوتة أو صراعات ومصالح ممقوتة، وذلك عبر تطبيق  ZOOM

استهل اللقاء رئيس مجلس ادارة دار العلم والعلماء د. عبدالرزاق القرحاني، بكلمة رحب فيها بالمحاضرين: القاضي نبيل صاري والدكتور جلال حلواني والدكتور خلدون الشريف، وبالحضور والمتابعين من خلال البث المباشر على الصفحة الرسمية لدار العلم والعلماء وقناة الوفاق نيوز.

ثم قدم بين يدي الحضور ورقة موجزة قال فيها: إننا على يقين، أن أي خطة شاملة ودائمة لمعالجة مشكلة جبل النفايات، تنتظر عودة (الحد الأدنى) من الإستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في هذا البلد الجريح. بحيث يساهم هذا الاستقرار بإعادة البحث عن الحلول المستدامة لقضية النفايات التي تزداد خطورتها وكلفة معالجتها يوما بعد يوم، وفي انتظار الفرج كان وما زال واجب الجميع رفع الصوت عاليا، لبناء رأي عام يساعد في الحد من هذه الأخطار والأضرار الصحية والبيئية الناتجة عن جبل النفايات في طرابلس، وخاصة أنه يشكّل قنبلة موقوتة، وإن كانت غير منظورة للجميع. فالعصارة الناتجة عن المكبات تسبب أضراراً خطيرة في التربة والمياه الجوفية، إضافة لتسللها الى البحر، كحال مكب طرابلس، لتسمم كل ما فيه من ثروة حيوانية وبيئية. إن هذه العصارة تصنَّف تحت باب المواد السامة والتي يجب التعامل معها بكثير من الحذر والحيطة والإحتراف نظراً لخطورتها وقابليتها للتفجير والانفجار بالإضافة إلى الضرر الذي يشتكي منه أغلب السكان المتواجدين في المدينة وما بعد المدينة، حيث الروائح الكريهة التي تشتد مع بداية كل صيف والناتجة عن إنبعاث غازات سامة وخاصة الغاز المعروف بـ”الميتان” لتذكرنا بوجود هذه الأضرار والمخاطر.

وأضاف قرحاني: إذا كان هناك ثلاث جهات أساسية تقع عليها مسؤولية معالجة ملف النفايات في لبنان: وزارة البيئة ومجلس الإنماء والإعمار، والبلديات كسلطات محلية، فينبغي أن يكون هناك جهات معنية تأخذ على عاتقها العمل على الحد من هذه الأخطار ورفع الأضرار عن أبنائنا وأهلنا ومدينتنا.. ومن حقنا، بل من واجبنا جميعا أن نسعى ونتعاون لايجادها وتفعيلها ومد اليد اليها، كل من موقعه وقدرته. مع كل التحية والتقدير لكل من ساهم منذ سنوات، بالقلم أو بالكلمة أو بالعمل في هذا المجال. واسمحوا لي أن اخص بالذكر ثلة من أبناء هذه المدينة الذين تقدموا بدعوى قضائية منذ أيام ضد كل من يظهره التحقيق فاعلا او شريكا او متدخلا. في هذا الخطر الداهم… لعل هذا الاجراء القانوني يكون مدخلا للحد من هذه الأخطار ومحفزا لكل الغيورين والمهتمين..

صاري

ثم تحدث القاضي نبيل صاري، متناولا الموضوع من الجانب القانوني، حيث بدأ كلمته بتحية الى كل من يبادر ويعمل على دحر اليأس للمطالبة بحقوق هذه المدينة. معتبرا أن مشاركته في تقديم الدعوى القضائية مع نخبة من أبناء طرابلس، هي تعبير عن موقف واضح، ينص على أننا ما زلنا نعتبر أن القضاء ملجأ أخير، من بعد ما يئسنا من وزارة البيئة ومجلس الانماء والاعمار واتحاد بلديات الفيحاء.

وقال: كنا نتوقع من بعد عشرة أيام من تقديم الشكوى، أن تحول إلى المباحث الجنائية المركزية، لأنها تتعلق بإنفجار محتمل قد يكون بمستوى إنفجار مرفأ بيروت. ولكن فوجئنا أن حضرة مدعي عام التمييز، احال الشكوى إلى النيابة العامة وكأنها شكوى عادية بين إثنين مختلفين. ورغم ذلك ما زلنا منذ 8 شباط ننتظر تحديد موعد لندلي بإفادتنا ليتم استكمال التحقيق.

وأضاف: نحن بحاجة لقرار وليس إلى فرار، فهذه الشكوى ليست لرفع الحرج، بل لتكون انطلاقه ودفع الى الأمام، فلن نسكت بعد اليوم عن هذا الموضوع. الذي هو فساد بيئي وليس تلوثا بيئيا فقط.

وكشف أن هناك مفاوضات بين المتعهدين تجري بعيدا عن دائرة المناقصات وبعيدا عن الشفافية. لذلك فإننا سنستمر وسننتصر في هذه القضية المحقة، وفي حال قررت النيابة العامة أن تحفظ الشكوى ولا أتوقع ذلك سنتقدم بادعاء مباشرولن نترك الأمر. فالقوانين البيئية في لبنان كثيرة وتحفظ الحقوق، ولكن للأسف هناك تقصير وسوء بالتطبيق…

حلواني

من جهته، تحدث د.جلال حلواني متناولا الموضوع من المنظور العلمي والبيئي، مفصلا أضرار الغاز الناتج عن هذا المكب العشوائي، وتحدث عن تاريخ هذا المكب الذي كان له محطات كثيرة لمعالجته حيث كان مقررا أن يكون هناك بديلا عنه في 2005 ومن ثم تم التمديد للعام 2010 الى حين أن تعطلت وظائف هذا المكب في 2013.

وتحدث عن الغازات الناتجة عن هذا المكب حيث النسبة الكبيرة لغاز الميتان الذي لا رائحة ولا طعم له ولكنه الأكثر خطورة على الصحة وهو قابل الى الاشتعال والانفجار. واعتبر أن تاريخ 2013 نقطة تحول مهمة لأنه تم توقيف احراق هذه الغازات، وبالتالي فإن جبل النفايات مهدد بالحريق اذا تعرض لأي شرارة.

وتناول حلواني تقرير نقابة المهندسين الذي اعتمده السادة الذين تقدموا بالدعوى القضائية، حيث تمت زيارة ميدانية في شهر آب وتم معاينة المكان وبناء عليه كان اعداد هذا التقرير. وكشف أننا بحاجة لعشرة سنوات حتى ينفد Bio- Gazومما قاله: ان لبنان كان يوجد فيه أربعة جبال نفايات وهم (النورماندي) الذي تحول الى الواجهة البحريه في البيال، والجبل الثاني في (صيدا) وتحول الى حديقة عامة، والجبل الثالث في (برج حمود) حيث تم تحويله الى مطمرين، وبقي جبل واحد فقط في الجمهورية اللبنانية الموجود في طرابلس. واعتبر اننا نستطيع من الغد العمل في عملية التأهيل…

ثم تحدث الدكتور خلدون الشريف شاكرا زملاءه في لجنة متابعة الدعوى المقدمة، ومنوها بالمعلومات العلمية التي قدمها الدكتور حلواني والتي بني عليها في تقديم الدعوى. واعتبر ان الموضوع التقني له اهله ومتخصصيه. ولكن ما يعنينا اننا اليوم ليس امام مكب واحد بل مكبين وهما المكب القديم الذي تحول الى جبل ينتج عنه اخطار كبيرة وكلها موثقة بتقارير علمية صادرة عن متخصصين وجهات بيئية. وعلى رأسها التقرير الصادر عن نقابة المهندسين، والمطمر الثاني ما يسمى بالمطمر الصحي حيث تبين ان المتعهد لم يلتزم بالمعايير الصحية والتقنية المطلوبة. ليتحول الى مكب يسلك نفس الطريق الذي سلكه سلفه.

وتحدث الشريف عن الخطوة التي قام بها مع النائب نقولا نحاس والنائب علي درويش بتكليف من الرئيس نجيب ميقاتي حيث عقد لقاء مع المحافظ ورئيس اتحاد بلديات الفيحاء وتم وضعهما بالاخطار والاحتمالات المتداولة، حيث تنصلا من المسؤوليه واعتبرا انهما ليسا الجهة المعنية بذلك.

وقال: بعد النقاش طلب ان يتم اعداد تقرير عن المكب فكان تقرير نقابة المهندسين الذي لم يعلن عنه وتقرير آخر لوزارة البيئة، ونتيجة هذا التقرير تم اصدار قرار باغلاق المكب ووضع حراس قضائيين لمراقبة تنفيذه. ولكن نمي الينا انه ما زال المكب يستقبل الشاحنات لتفريغ حمولتها من النفايات. ونمي الينا ان هناك اموال مقطوعة تؤخذ، وللاسف من بعد ستة اشهر لم يتحرك احد من المسؤولين، والمسؤولية هنا تقع على مجلس الانماء والاعمار وعلى المتعهد وعلى المشرف وعلى اتحاد بلديات الفيحاء الذي من واجبه متابعة كل التفاصيل. ومن منطلق الحرص على صحة الناس كانت الدعوى القضائية.

وختم الشريف متمنيا أن يُستفاد من هذا اللقاء وهذه المنصة لتتضافر الجهود من كل ابناء المدينة وابناء القلمون والبداوي لرفع الضرر عن هذه المنطقة. وأكد على الاستمرار بالمطالبة بهذ الحق لأن الآخرين يعتمدون على قصر نفس الناس في ملاحقة حقوقهم. فليس من واجب الناس تقديم حلول فهذا واجب الدولة وواجب المختصين لكن واجبنا ان نرفع الصوت والمتابعة لرفع هذا الضرر بكل الاشكال المتاحة، خصوصا أن الوقت لصالحنا اذا كنا ثابتين. الوقت لصالحنا اذا استطعنا تشكيل نوعا من تجمع او تكتل ورأي عام لهذه القضية.

وشكر الشريف كل من قدم الدعم في هذا الموضوع وخاصة وسائل الاعلام، مذكرا بضرورة المتابعة والملاحقة واطلاق النشاطات والفعاليات التي تساهم في حماية المجتمع الطرابلسي من هذه الأخطار…

ثم كان حوار ونقاش بين المشاركين الذي اجمعوا على وجود خطر داهم من جراء عدم معالجة هذا المكب العشوائي وبغض النظر عن الآراء المتعددة في موضوع المعالجة، كان الجميع حريص على التعاون والمتابعة في هذا الموضوع كي نصل الى نتائج مرضية تحد من هذا الخطر ويزيل الأضرار البيئية والصحية.

Post Author: SafirAlChamal