البخاري يرسم خارطة الحل: لبننة الأزمة وحُسن تطبيق الطائف… غسان ريفي

لم تكن زيارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الى البطريرك الماروني بشارة الراعي في الصرح البطريركي في بكركي بعد ظهر الجمعة الفائت، مجرد واجب ″مجاملة″ بعد عودته من المملكة لاستئناف عمله الدبلوماسي، بل حملت إشارات وربما رسائل سياسية عدة، لفتت أنظار العديد من المراقبين لا سيما إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار زمان ومكان الزيارة، علما أن لقاء البخاري مع مفتي الجمهورية في دار الفتوى لم يتضمن أي تصريح.

كلمات مقتضبة قالها السفير البخاري إثر اللقاء في بكركي، شكلت مدخلا للحل، خصوصا عندما شدد على ضرورة تطبيق إتفاق الطائف، المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي في لبنان، وفي ذلك رد سياسي راقٍ على كل الكلام الذي تحدث عن تدويل الأزمة اللبنانية أو التهديد بوضع لبنان تحت بند الفصل السابع، حيث لا يختلف إثنان على أن حسن تطبيق إتفاق الطائف من شأنه أن يضع حدا لكل التوترات السياسية وأن يساهم في إخراج البلاد من أزماتها المتلاحقة.

السفير البخاري أكد “ان المملكة السعودية تتطلع الى ان يعود لبنان الى سابق عهده ودوره الريادي، وهي ستبقى دائما الصديق الاقرب للشعب اللبناني وللمؤسسات الدستورية اللبنانية”.

وأضاف: “الذاكرة السياسية تخبرنا بأن الشعب اللبناني لا يتعب من النضال في سبيل الحفاظ على عيشه الواحد والمشترك”.

يمكن القول، إن السفير البخاري رسم خارطة طريق تتضمن نظرة بلاده لمسار الحل، الذي لا يكون بالتدويل ولا بالمبادرات ولا بالاستقواء ولا بالضغوطات، وإنما يكون بحسن تطبيق إتفاق الطائف الذي إحتضنته المملكة عام 1989، وأنهى الحرب وحل الميليشيات وجمع السلاح وفتح المعابر والمناطق على بعضها البعض وعزز العيش الواحد والمشترك بين اللبنانيين.

موقف السفير البخاري شكل إشارة الى إلتفاتة سعودية صوب لبنان، وذلك من خلال دعوته غير المباشرة الى لبننة الأزمة، لا تعريبها ولا تدويلها، بما يمنع تدخل الدول بالشؤون اللبنانية، ويحول لبنان الى وطن لجميع أبنائه، ويمنع تحويله الى فيدرالية الطوائف التي بدأ البعض يوحي بها سواء عن قصد أو عن غير قصد بهدف تعزيز شعبيته في شارعه.

تؤكد مصادر سياسية مطلعة أن موقف السفير البخاري يُبنى عليه سياسيا للمرحلة المقبلة، خصوصا أنه يتناغم مع توجه شخصيات سياسية تعمل على حماية إتفاق الطائف وعلى منع فرض أية أعراف جديدة عليه أو تعديل بعض بنوده بالممارسة، علما أن كثيرين في لبنان وخارجه باتوا على قناعة أن أصل الأزمة هو عدم الالتزام بهذا الاتفاق الذي يقدم النموذج الأصلح لبلد مثل لبنان.

وتخلص هذه المصادر الى القول: إن اللبنانيين كلما إبتعدوا أو تخلوا عن الطائف، كلما إبتعدوا عن السعودية التي يتطلع الجميع الى دعمها ومساندتها للشعب اللبناني في المرحلة المقبلة، خصوصا أن الغرب الذي يبدي إهتماما بالأزمة اللبنانية لن يبادر الى تقديم المساعدات المطلوبة والتي من المفترض أن تأتي من السعودية ومعها الامارات وسائر دول الخليج التي يتطلع لبنان الى عودة حرارة العلاقات معها، وقد جاء تصريح السفير السعودي من بكركي ليعزز الآمال بهذه العودة.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal