متى يسود ″لقاح المواطنة″ في لبنان؟… مرسال الترس

منذ اعلان دولة لبنان الكبير قبل مئة عام والمواطنة في لبنان أمر ملتبس لهذه الطائفة أو لهذا المذهب أو ذاك، تارة بفضل الإنتماء الديني، وطوراً بفعل التواصل المتجذر مع هذا الشرق أو ذاك الغرب، الأمر الذي دفع بأهل هذه الأرض إلى التقاتل والتذابح والتهجير، إما لغاية في نفس الخارج، وإما لمرض عضال في عقول أبناء البيئة الواحدة، من دون أن تنجح عراقة هذه الأرض التي تمتد جذورها لالآف السنين، من تحديث العدسات اللاصقة لمن أعمتهم الطائفية والمذهبية التي لم تُنتج سوى الحقد والبغض اللذان ولّدا التناحر، والعودة تلقائياً الى البيئة الضيقة العابقة دوماً بالتنافر من الآخر بدون سبب مبرر أحياناً.

وإذا رغب أي مراقب خارجي أن يستطلع ماذا يجري في هذا البلد الغني بتاريخه وتراثه الحضاري سابقاً، وبنفطه وغازه الموعود حديثاً، وبطاقاته العلمية التي باتت مضرب مثل في العديد من الدول الإقليمية والدولية، فإنه يرى بلداً ممزقاً سياسياً لا يُحسن مسؤولوه بناء الثقة فيما بينهم لتدبير أمور الناس الذين  أرهقتهم الأوضاع الإجتماعية والمعيشية، وشلّت قواهم المصائب الصحية الناتجة عن وباء الكورونا اللعين. فلا يستطيعون أقلّه التوافق على تشكيل حكومة تعمل على تيسيير أمور المواطنين، أو عقد الاجتماعات لإستنباط الأفكار للتخفيف من الهموم التي تتراكم يوماً بعد آخر بدون أي بصيص أمل لعبور النفق الحالك السواد.

ولأن الأفق مسدود والحلول غائبة والتشابك الإقليمي والدولي على أشدّه، لم يبق أمام من يحملون الهوية اللبنانية الاّ التالي:

ـ أن يستوعب الموارنة بشكل خاص والمسيحيون بشكل عام أن أيام الاستقلال قد تبدلت وفرنسا لم تعد الأم الحنون، فليجلسوا جميعاً ويضعوا خارطة طريق للمستقبل تنبثق من الواقع الديموغرافي الذي آلت إليه البلاد، فاذا كانوا قد خسروا الجزء الأكبر من الامتيازات الرئاسية في إتفاق الطائف، فقد يخسرون الرئاسة ولبنان إذا لم يتوصلوا مع شركائهم في الوطن إلى صيغة همّها الاساسي صهر الجميع في بوتقة الانتماء اللبناني!

ـ أن يقتنع أهل السنّة أن الآمال التي بُنيت في العقود الماضية على هذه العاصمة العربية أو تلك، قد أثبتت خلّوها من الارتكاز إلى واقع هذا الوطن، وبالتالي فان فتح الدفاتر القديمة عن المنعطفات الخطرة سيكون وبالاً على الجميع وليس على مجموعة دون أخرى! 

ـ أن يجهد أركان الطائفة الشيعية في إقناع شركائهم على الأرض اللبنانية أن السلاح ليس موجهاً ضدهم في أية ظروف، حتى لا تنجح الغرف السوداء والأجندات المرتبطة باستراتيجيات خارجية محددة، في تشويه صورة المقاومة التي أجمع عليها اللبنانيون في مراحل سابقة!

ـ أن ينزع الدروز ومن يحملون تسمية الأقليات من تفكيرهم أنهم مستهدفون، لأن الجميع أقليات في هذا المحيط فليساندوا مجتمعين في بناء البرج الجامع وليس التشكيك بأساساته. 

والأفضل أن يفتش الكل عن صيغة تُنتج لقاح المواطنة النقية التي ستساعدهم على مجابهة كل الأوبئة مهما تنوعت واستُنسخت.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal