عون والحريري إشتباك سياسي يقترب من حدود التوتّر… عبد الكافي الصمد

″بدل أن يُطفىء الحرائق كان أولى به أن لا يُشعل النّار″. يكاد هذا المثل ينطبق على رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري كما لم ينطبق على سواه، وهو مثل ردّده كثيرون مؤخّراً، في أعقاب خطابه الذي ألقاه يوم الأحد الماضي في الذكرى الـ16 لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري وردود الفعل عليه، الأمر الذي جعل الشّارع متوتراً، خصوصاً بعد السّجالات العنيفة بين نوّاب ومناصري الحريري ونوّاب ومناصري التيّار الوطني الحرّ، ما دفع الحريري، بعدما لمس خطورة الموقف إلى بذل محاولات لضبط شارعه وتهدئته، وعدم جنوحه أكثر.

محاولات الحريري لتبريد الأجواء بين تيّاره الأزرق والتيّار البرتقالي، ترجمها بتمنيه، أمس، على نوابه ومناصريه “عدم الإنجرار للسّجال الكلامي ردّاً على الحملات التي تستهدفه”، لأنّ “‏هناك فريق سياسي يريد إستفزاز المستقبل وجمهور واسع من اللبنانيين ويلجأ إلى التعبئة الطائفية لتحقيق أهدافه الخاصة”، مؤكداً أنّه “لن يكون من المفيد مجاراة هذا الفريق بأعماله وخطابه السياسي وتأليب اللبنانيين على بعضهم البعض”، ومعتبراً أنّهم “يلهثون وراء إشتباك إسلامي – مسيحي، ولن يحصلوا على هذه الفرصة مهما اشتدت حملات التحريض وإثارة الضغينة بين أبناء الوطن الواحد”.

وكان طبيعياً أنّ يضطر الحريري أن يصدر هكذا تمنّي على قاعدته الزرقاء، بعدما صعّدت مواقفها ضد رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل إلى مستويات بالغة الخطورة، خصوصاً بعدما اعتبر الأمين العام للتيّار الأزرق أحمد الحريري أن “رئاسة الجمهورية في بعبدا مخطوفة من قبل التيّار الوطني الحرّ، ويجب تحريرها واستردادها”، متناسياً أنّ الرئيس الحريري هو الذي عقد عام 2016 تسوية أفضت إلى انتخاب عون رئيساً، وأنّه إذا كان قصر بعبدا محتلاً بنظره، فإنّ الحريري يتحمّل مسؤولية كبيرة في ذلك.

في المقلب الآخر، لم يوفّر نوّاب عون ومناصريه في التيّار البرتقالي المناسبة، فشنّوا حملة تصعيدية بالغة الحدّة على الحريري وتيّاره، خلطوا فيها الحابل بالنّابل، واقتربوا فيها من الخطوط المذهبية الحمراء وخطوط التوتر العالي، مستعيدين خطاب صراع الفريقين الإسلامي ـ المسيحي أيّام الحرب الأهلية، وكأنّه لم تمرّ أكثر من أربعة عقود ونيّف على حرب أكلت الأخضر واليابس في لبنان، وما يزال اللبنانيون يدفعون ثمنها حتى هذه الأيّام.

لكنّ اللافت أنّ الفريقين، تيّار المستقبل من جهة والتيّار الوطني الحرّ من جهة أخرى، قد اعتبرا ـ في قراءة سياسية تدعو للخوف والشفقة في آن ـ أن السجال الأخير والحادّ بينهما، وتصدّر صقورهما الشّاشات والعناوين، قد رفع شعبيتهما في شارعهما، السنّي بالنسبة للتيّار الأزرق، والمسيحي بما يتعلق بالتيّار البرتقالي، متناسين أنّ الربح الذي حققاه سياسياً وشعبياً أو سيحققانه، إذا كانا يعتبران ذلك ربحاً بالأصل، ليس سوى وقود يهدد بإشعال حرائق بالغة الخطورة لن يجني أيّ طرف منها شيئا، وهي ستكون على حساب لبنان الذي أصبح مصيره، كما اللبنانيين، في مهبّ الريح.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal