الامتحانات الرسمية في خبر كان!

لا يقتصر التخبط والعشوائية على الملفات الحكومية والسياسية والمعيشية والاجتماعية والاقتصادية والاستشفائية، بل يتعداها الى القطاع التربوي الذي يعاني من تداعيات واسعة نتيجة غياب خطة تربوية واضحة في زمن كورونا الذي اجبر المدارس على اقفال ابوابها معظم السنة. فالتلامذة في المدارس الرسمية بالكاد تعلّموا، ولا يكفي ان العام الدراسي تأخر انطلاقه، ومعظم الاهل الذين يرسلون اولادهم الى “الرسمية” يعانون من الضائقة المعيشية المستفحلة ومعظمهم يعجز عن تأمين مستلزمات التعلم عن بعد من انترنت وكهرباء وأجهزة ذكية او كمبيوترات، حتى تفاجأوا بإضراب الاساتذة المتعاقدين.  

أما التلامذة في القطاع الخاص، فليسوا بأفضل حال، اذا ما استثنينا المدارس الكبرى. فبعض المدارس في الأطراف غير مجهزة للتعليم عن بعد وتناضل لعدم خسارة العام الدراسي، في حين تحدث وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال طارق المجذوب عن احتمال تمديد العام الدراسي. في ظل كل ذلك، ما مصير الامتحانات الرسمية؟ ومن يتحمّل خسارة العام الدراسي؟

أمين عام المدارس الكاثوليكية الاب بطرس عازار أكد لـ”المركزية” ان “المطلوب من الدولة إعطاء القطاع التربوي الاهتمام اللازم وتوفير كل الامكانيات لإنقاذ العام الدراسي، ولا اعني فقط القضايا المالية مع العلم انها مهمة، وإنما ايضا الأجواء التي تسمح لنا بالمحافظة على جيل شباب للمستقبل. خوفنا كبير اليوم وبدأت تصدر اصوات تسأل كيف تعاملون القطاع التربوي؟ وهنا اسمح لنفسي أن أقول، رغم أنني أعرف ان الامر قد يزعج البعض، ان الوقت ليس للخلافات السياسية والاتهامات والحرتقات والتأخر في تشكيل حكومة واللعب بصحة الناس وصحة الاطفال والتلامذة وبالتالي الوطن. هذا وجع كبير اليوم خصوصاً ان لا نرى ملامح رجاء، الرجاء الذي دعا اليه البابا فرنسيس في كلمته حول الميثاق التربوي، حين قال: “التربية عمل رجاء”. وبمناسبة اسبوع الكتاب المقدس، اخترنا موضوع الرجاء في مدارسنا الكاثوليكية ونسعى للعمل معاً على تعزيز الرجاء في قلوب تلامذتنا واساتذتنا. ونرفع الصوت ونحاول اقله ان نقدم لأجيالنا الطالعة أسباب للرجاء. في الواقع، نعاني اليوم من عدم توافر جواب على سؤال عن المستقبل: ماذا عن الغد؟”.

أضاف: “صحيح ان المدارس الخاصة تبذل المستحيل كي تبقي دورة التعليم عن بعد قائمة ولو بصعوبات تأتينا من الخارج وكلها باتت معروفة، لكن حال الرعب الذي يقبع في ظله التلامذة من خلال وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ، لا يسمح لنا بالسير بعيداً، لا يمكننا ان نستمر على هذا المنوال، نحتاج الى الرجاء ونحتاج الى صوت يخرج ليقول “سنتجاوز كل الخلافات والمشاكل” لدينا قضية خطيرة جدا، تطال كل شرائح الوطن، مستقبل لبنان كله على المحك. اوجه دعوة الى التضامن والتسامح والتعالي عن الحساسيات الشخصية كي نتمكن من تقديم القليل من الرجاء لأجيالنا الطالعة لاكمال المسيرة. القطاع التربوي يجب ان ينقذ لأن بإنقاذه يكون انقاذ الوطن .آنذاك نفكر بالامتحانات الرسمية وتخفيف البرنامج الدراسي حتى نتمكن من مساعدة التلامذة للتحضير لامتحاناتهم ولسنتهم الدراسية المقبلة، والتزود بالقيم والاخلاق. واذا خسر التلامذة السنة الدراسية بسبب الكورونا فلنزودهم على الاقل بالقيم والاخلاق والانتماء الى الوطن والفرح”.

وطالب عازار بـ”استثناء القطاع التربوي الخاص من الإغلاق الكلي والسماح له بفتح أبوابه أقله بنسبة 10 في المئة لإنجاز المعاملات. وتمنى على المركز التربوي بث برامج تربوية تثقيفية عبر تلفزيون لبنان للتخفيف عن عبء الضغط على العائلة والاولاد في المنزل”، وسأل: “اي نفسية سيتربى عليها التلميذ في ظل هذه الاجواء المشحونة. المطلوب برامج تثقيفية ووضع كل الحرتقات السياسية جانبا”. وختم بقول لنزار قباني “كل ما يطلبه لبنان هو ان تحبوه قليلاً”.

من جهته، قال رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي نزيه الجباوي لـ”المركزية”: “بدأنا نستشعر الخطر على العام الدراسي خاصة في ظل وباء كورونا والتعليم عن بعد الذي اساسا يعاني من مشاكل يضاف اليها اضراب المتعاقدين، اذا بقينا على هذه الحال، فأنا اشعر بالخطر على العام الدراسي. وطلبنا من وزير التربية وضع خطة حول كيفية إنهاء العام الدراسي وتجاوز كل هذه المخاطر وما هي الاساليب للوصول الى نهاية عام دراسي وإجراء امتحانات رسمية، لأن بمرور هذه السنة ايضا من دون امتحانات رسمية نكون قد قضينا على المستوى التعليمي والشهادة الرسمية و”على الدنيا السلام”. هذا موضوع يستحق ان تكون له رؤية واضحة ترسمها القيادات التربوية الفاعلة التي تعيش الواقع على الارض بالتعاون مع الادارة التربوية والوزارة وهذا ما طلبناه من وزير التربية منذ فترة واعربنا له عن استعدادنا وجهوزيتنا لعقد جلسات لوضع رؤية صحيحة، لنرى كيفية انهاء العام الدراسي، ان من حيث البرامج او المناهج او الامتحانات”.

ورأى الجباوي ان “الامور تتسارع، خاصة مع إضراب المتعاقدين. ونحن وقفنا الى جانبهم وتواصلنا مع الوزير لأنهم شعروا بالخطر على عقودهم وساعاتهم، وبعد عدة اجتماعات في الوزارة، تم الاتفاق على المحافظة على عقودهم، وصولاً إلى إصدار الوزير لقرار يثبت حقوقهم بغية طمأنتهم، لكنهم لم يكتفوا بالقرار وطالبوا بقانون يحفظ لهم حقوقهم ويسمح لهم بتقاضي رواتبهم حتى لو لم يدرّسوا نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة. وبالفعل حضّر بعض النواب اقتراح قانون بهذا الخصوص، الا ان متابعته تحتاج الى جلسة لمجلس النواب لإقراره”. مشيراً الى “اننا تمنينا على المتعاقدين العودة الى التدريس وتسجيل ساعاتهم، لكن جزءا منهم ما زال مستمراً في الاضراب، الامر الذي يؤثر على التعليم الاساسي، لأن 60 في المئة من اساتذة التعليم الاساسي هم من المتعاقدين، بينما عددهم في التعليم الثانوي أقل”.

لماذا لا يصار الى تثبيتهم؟ أجاب: “الامر يحتاج الى حكومة، وهذا مطلبنا منذ زمن، رفعنا شعار “إلغاء بدعة التعاقد” وتعبئة الملاك للوصول الى استقرار في المؤسسسات التربوية من جهة ولدى الاساتذة والمعلمين من جهة اخرى، لكن في ظل هذا الوضع لا يمكن طرح الامر.هذا الحل الجذري والجوهري لقضية المتعاقدين”.

وتمنى الجباوي “في هذا الظرف وفي وضع التعليم الرسمي على زملائنا المتعاقدين، التوقف عن الاضراب”، مؤكداً “أننا معهم في مطلبهم، وسنبقى الى جانبهم، لأن الوزارة قامت بما يتوجب عليها وموضوع القانون يلاحق في المجلس النيابي، حفاظاً على ما بقي من العام الدراسي وحفاظاً على طلابنا وعلى الشهادة الرسمية التي هي بخطر والمهددة بمصير يشبه مصير الشهادة في العام الماضي ونكون بذلك قد قضينا على كل ما يسمى شهادة رسمية ومستوى تعليمي في لبنان”.

المصدر: المركزية

Post Author: SafirAlChamal