عبدالاله ميقاتي.. يا صاحب الكلمة الطيبة

كتب المدير العام السابق لوزارة الثقافة فيصل طالب:

عبدالإله ميقاتي .

كم صعقنا خبر رحيلك المبكر، وأنت في قمّة عطائك الهادئ من غير ضجيج، وفي عزّ نبض قلبك بالحبّ الذي لم يكن يوماً غير البوصلة التي تحدّد وجهتك، وفي ذروة اغتنائك بعبر الحياة ودروسها، وأنت تسير في دروبها إلى ما اشتهيت من مقاصد الخير والتقى.

عبدالإله ميقاتي.

يا صاحب الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة التي تؤتي أكلها كلّ حين. أيّها الدمث الباسم اللبق الودود الصديق الصدوق. كم يعزّ علينا أن تغادرنا والوطن بأمسّ الحاجة إلى أمثالك ممّن تمرّسوا بالإقدام وعافوا

الإحجام، ودأبوا على إتيان الخير من أبوابه الواسعة، فكنت خير مثال للإنسان المعطاء بلا حدود الذي يصلح لأن يكون مثالاً يقتدى به، بما تركت وراءك من حسن السيرة، ونبل الغاية، وعمق الارتباط بشؤون الناس وشجونهم، في زمن عزّ فيه الرجال الرجال ممّن هم بشهادتهم قائمون، الذين ما استنكفوا ولا انكفأوا وأدّوا الأمانة، وما نكثوا وما بدّلوا تبديلا .

عبدالإله ميقاتي.

أيّها الباحث دوماً عمّا يَصلح ويُصلِح في طريق التكافل والتعاضد والإيثار، بثبات المؤمن الملتزم بالواجب حتى القداسة، وبصبر الساعي إلى إشعال شمعة بدلاً من لعن الظلام والظالمين؛ لكأنّك ذلك الطاهر الشفيف العفيف الذي يعرف كيف يغالب صروف الدهر، فيأتي إلى وَعْرها بحقول الزنبق والياسمين، من غير أن يملّ أو يكلّ، وبقوّة الإيمان الراسخ بأنّ الزبد يذهب جُفاءً وأنّ ما ينفع الناس يمكث في الأرض.

عبدالإله ميقاتي.

أيّها المنداح في عروق المرتجى اندياح الماء في الأرض العطشى. أيّها الخائض غَمْرَ الفكر والفقه والثقافة بروح التوثّب العاقل والاندفاع الرصين. أيّها المتوسّد عميق الإحساس بالهمّ العام، الحالم دائماً بفتح كوّة في جدران المستحيل لانتشال الفرح المستعصي من حفرات المتاعب والمصاعب.

ونحن نودعك اليوم، والغصّة في القلوب. والخسارة بفقدك لا تقبل التعويض، فإننا لا نقول إلّا ما يرضي خالقنا. إنّ العين لتدمع وإنّ القلب ليحزن وإنّا على فراقك لمحزونون.

فيصل طالب

المدير العام السابق لوزارة الثقافة..


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal