عبدالاله ميقاتي.. لغيابك مرارة غياب الوالدين!.. غسان ريفي

مهلا يا صاحب القلب الكبير.. رأفة بقلوب إنكسرت على رحيلك الموجع.

مهلا  أيها الطيب العطوف الذي زرع الخير والعطاء وحصد الحب والوفاء.. وما جنازتك الليلية الاستثنائية وحشد المودعين وكلمات الرثاء التي تشارك فيها مفتون ورؤساء ووزراء ونواب وقيادات ومحبون ومواطنون سوى دليل ساطع على أنك عشت للجميع وعملت وبذلت من أجل الجميع.

عبدالاله ميقاتي الهادئ الوقور، رحل بصمت تاركا وراءه كمّا لا ينتهي من الحزن على قامة وطنية إسلامية طرابلسية شكلت نموذجا في البذل والتضحية من اجل الناس، وعنوانا للأخلاق والقيم والنبل وطيب المعشر.

كان عبدالاله ميقاتي معجونا بالفضائل وبمكارم الأخلاق، ومدرسة في الحكمة والموعظة الحسنة، ومنارة علم ومعرفة وثقافة وشريعة، عرفت معنى نِعم الله على العباد فبحث وغاص فيها وأنتج كتاب “المدخل الى فقه النعمة” الذي سيبقى صدقة جارية تُذكّر القارئ بفضل الله عليه من خلال إسترجاع النِعم التي أسبغها الخالق العظيم عليه وعلى العالمين.

من يعرف عبدالاله ميقاتي يعلم أنه شغوف بحب الناس، يدرك أن العمل عبادة، وأن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) “يحب من أحدكم إن عمل عملا أن يتقنه”، لذلك فقد حرص على تزيين أعماله بالاتقان، وترك من ورائها بصمات لا تمحى في جمعية العزم والسعادة الاجتماعية التي تغطي عجز الدولة وإهمالها على كل صعيد في طرابلس والجوار، وفي الجامعة اللبنانية، ومعهد البيوتكنولوجيا وفي جامعة العزم، وفي النشاطات المتعددة والمتنوعة التي أثرت مجتمع المدينة ودفعت كثيرين الى التنافس على بلوغ الأفضل لا سيما في المسابقة الدولية للقرآن الكريم التي جمعت قراء العالم في مدينة العلم والعلماء التي أحبها وأعطاها فأحبته.

عبدالاله ميقاتي لقد قسوت علينا برحيلك المبكر، فكلنا نحتاجك، وكلنا نشعر بفداحة خسارة لا يمكن أن تعوّض، فلغيابك مرارة غياب الوالدين، لأنك كنت الأب والناصح والموجه والمحضن الجامع والدافئ لكل من حولك، ولي معك تجارب شخصية من رعاية وإهتمام ونصح ومساندة ومساهمة بمقالات فكرية غنية سيفتقدها قراء “سفير الشمال” التي ستبقى تتذكر وتفخر بأنها شكلت في يوم من الأيام منبرا لك.

يا حبيب القلوب، وداعا، لكن الوداع سيكون للجسد وللابتسامة الدافئة التي تُشعر بالاطمئنان الذي فقدناه برحيلك، أما ذكراك فستبقى مستقرة بين اللحم والعظم، فمن مثلك لا يمكن أن يطويه النسيان أو الزمن، فأنت الأسوة الحسنة، وصفوة الصفوة، والعيار الأغلى من معادن الرجال، طبت حيا وطبت ميتا، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإننا على فراقك يا عبدالاله لمحزونون، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

Post Author: SafirAlChamal