ميشال عون يحسم الجدل.. لا تأليف!!… غسان ريفي

يبدو أن ما كان يدور سرا في جلسات الليل في قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريق عمله برئاسة جبران باسيل حول تشكيل الحكومة، أخرجه عون الى العلن يوم أمس عن سابق تصور وتصميم، ولو تحت عنوان “الخطأ التقني”، ليحاكي بذلك ما قاله باسيل في مؤتمره الصحافي أمس الأول الأحد،  ولتكتمل عناصر الرسالة السياسية الى سعد الحريري بأننا “لا نأتمنك على الاصلاح ولا نصدقك، وبالتالي لا تأليف للحكومة”.

حسم ميشال عون الجدل القائم، و”بق البحصة” العالقة في فمه منذ الاستشارات النيابية الملزمة، فأكد رفضه لسعد الحريري رئيسا للحكومة متهما إياه باطلاق تصريحات كاذبة عن تسليمه ورقة بأسماء الوزراء، في حين أن الحريري سبق وأكد ذلك، وكذلك صفحة رئاسة الجمهورية على تويتر التي أعلنت يوم 9 كانون الأول الفائت أن “الحريري قدم تشكيلة حكومية كاملة الى رئيس الجمهورية الذي قدم له طرحا حكوميا متكاملا”.

هذا اللغط الحاصل يعطي ثلاثة تفسيرات، فإما أن يكون عون والحريري إتفقا على خداع اللبنانيين بالاعلان عن تبادل التشكيلات الحكومية وإشاعة الأجواء الايجابية، أو أن يكون عون قد نسيَ أن الحريري قدم له تشكيلة وزارية وأخذه غضبه عليه الى إتهامه بالكذب، أو أن عون يفتري على الحريري ويريد كسر الجرة معه والضغط عليه لسحب التكليف منه.

في غضون ذلك، لا يبدو الحريري حتى الآن يمتلك الوصفة السحرية لانجاز التأليف، فالتشكيلة التي وضعها في عهدة رئيس الجمهورية والتي نكرها أمس في الفيديو المسرب، مرفوضة من الثنائي الدرزي، فالنائب طلال أرسلان الذي يريد توسيعها ليضمن تمثيله، ووليد جنبلاط الراغب بتوزير عباس الحلبي، يرفض عرض الحريري بتوزير أحد سفيري الطائفة في موسكو والهند وقد يتجه الى عدم المشاركة، كما أن موقف الثنائي الشيعي لا يزال مجهولا تجاهها، في وقت يصر فيه رئيس الجمهورية على الثلث المعطل، والحصول على الوزارات الأمنية لا سيما الداخلية والبلديات التي يرفض فيها خيار الحريري المتمثل بزياد أبو حيدر، لمصلحة المحامي عادل يمين العوني الصديق لجبران باسيل.

أمام هذا التصلب في المواقف وبعد كلام رئيس الجمهورية أمس أمام رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، يبدو واضحا أن كل الأبواب قد أقفلت أمام عملية التأليف، وأن لعبة عض الأصابع قد بدأت وستطول، ففريق العهد ينتظر من الحريري أن يتنازل له كما عوّده في حكومات سابقة منذ حصول التسوية الرئاسية، وأن يتراجع عن صيغة الـ 18 الى الـ 20 وزيرا ليصبح الثلث المعطل تحصيل حاصل، وأن يتخلى عن الداخلية والعدلية، إنطلاقا من رغبته الجامحة لدخول السراي الحكومي.

أما الحريري فلم يعد بمقدوره تقديم أي تنازل إنطلاقا من حسابات محلية سياسية وطائفية وشعبية، وحسابات عربية وإقليمية، وهو بالتالي ينتظر أن يبت رئيس الجمهورية بالتشكيلة التي قدمها له، وهي باتت بحكم الضائعة بعدما نفى عون أن يكون تسلمها منه.

“لا تأليف”، قالها رئيس الجمهورية أمس، ليفتح الباب أمام مزيد من الفراغ، والتعثر في حكومة تصريف الأعمال لمواجهة الأزمات وأبرزها كورونا، في وقت سيبقى فيه الوطن وأهله في الحجر وأسرى طموحات رئاسية ومصالح شخصية بانتظار صدمة كبيرة تعيد خلط الأوراق من جديد، أو أن يتحرك الحس الوطني لدى المعنيين بالتأليف للتجاوب مع المبادرات المطروحة أو التي قد تطرح مجددا على وقع شريط الفيديو المسرب.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal