هل أساء طرح البطريرك الراعي إلى عون والحريري؟… مرسال الترس

استأثرت الدعوة التي وجهها البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لجمعه برئيس الحكومة المكلف رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري لغطاً كبيراً بين مختلف الأوساط السياسية والدينية، نظراً للالتباس في فهم خلفيات هذه الدعوة – الوساطة، بين أن تحصل في بكركي او في أي مكان آخر!

فاذا كان مضمون الدعوة صحيحاً كما تناقلته وسائل الإعلام على ان يكون الإجتماع في مقر الصرح البطريركي في بكركي، أو كما أشارت مصادر الصرح إلى أن يحصل في أي مكان، ومن ضمنها بكركي؟ فذلك ترك اكثر من علامة استفهام حول الشكل والمضمون:

فبالنسبة إلى رئيس الجمهورية ليس لائقاً على الصُعُد السياسية أو الدستورية أو المعنوية أو البروتوكولية أن يلتقي رئيس حكومة مكلف خارج القصر الجمهوري من أجل البحث في تشكيل حكومة. فذلك لا يقلّل من موقع وقيمة القصر الذي هو الرمز لكل اللبنانيين دون استثناء، وإنما ايضاً يفتح الباب على إقتراحات لاحقة قد تتحوّل إلى مسألة تجاذب وتناحر!

وبالنسبة إلى الرئيس سعد الحريري فإن أي خطوة من هذا القبيل ستسبب له إحراجاً بالنسبة إلى مرجعيته الدينية، إذا ذهب يبحث عن حلول لتشكيل حكومة تمثل كل لبنان في هذا الموقع الروحي دون سواه، بالرغم من كل الحيثيات التي قد ترافق ذلك الموقع أو سواه، ولأن ذلك سيكرس عرفاً في لبنان (وما أكثر الأعراف التي تحولت إلى مبادئ أو دساتير في لبنان)، فربما تشكيل أي حكومة مستقبلاً سيستوجب اللجوء إلى هذا الموقع الديني أو ذاك لحلحلة العقد، الأمر الذي يعزز سيطرة رجال الدين على السياسة اللبنانية بعكس ما يطرحه العديد من السياسيين في لبنان عن الدعوة إلى “دولة مدنية”، أو إلغاء الطائفية السياسية كما دعا إتفاق الطائف!

لا شك في أن البطريرك الراعي مشكور على قيامه بوساطة بين أعلى مواقع المسؤولية في الدولة، من أجل تشكيل حكومة تخفّف على المواطنين ما يعانونه من إختناق (بالرغم من أنه تخطى مقولة أن البطريرك يُزار ولا يزور كما كان معتمداً في غابر الأيام)، ولكن غبطته بالتأكيد يُدرك مدى حساسية التعاطي بالشؤون السيّاسية في لبنان نظراً لتداخل العام بالمصالح الخاصة، والطائفي والمذهبي بالسياسي. ولكن ربما من زاوية حرص (الموقع الذي تأبط مجد لبنان) على إخراج البلد الجريح ممّا يتخبط فيه من أزمات نتيجة تصرف السياسيين والمسؤولين، تقَدّم إلى هذه الحافة من الإقتراحات برغم كل ما حملته من تأويلات وتفسيرات في غير مضمونها. لأنه عند الإختيار بين السيء والأسوأ يتم إختيار الحالة الأولى بدون التوقف عند تداعياتها.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal