الموت يلاحق الإيغور في الصين.. شهادات لناجين من الاعتقال تكشف إضطهاداً خطيراً

كشف تقرير جديد لصحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية تفاصيل مروّعة عن معاناة الإيغور في إقليم شينجيانغ في الصين، حيث تحتجز السلطات هناك أكثر من 1.8 مليون مسلم من الإيغور والأقليات العرقية الأخرى.

وبحسب الصحيفة التي زار موظفون منها شينجيانغ، فإنّ العديد من الأشخاص تحدثوا عن فترة سجنهم وخوفهم، كاشفين عن معاناة ترسخت في حياتهم بسبب القمع الصيني والإضطهاد الذي تمارسه الحكومة الصينية ضد الإيغور بشكل أساسي.

والتقت الصحيفة جيفلان شيرميمت (29 عاماً)، وهو من الإيغور وقد غادر الصين كطالب في العام 2011، ويعمل الآن كمرشدٍ سياحي في اسطنبول. وفي حديثه، يلفت شيرميمت إلى أنه فقد الاتصال بوالديه وشقيقه عندما تم نقلهم إلى المعسكرات في عام 2018، مشيراً إلى أنه في حزيران من هذا العام، تلقى أول اتصال من والده من مركز الشرطة بعد عامين على الفراق.

وكشف شيرميمت إلى أن والده أخبره في بداية الكلام قبل أي شيء أنه تم اكتشاف انضمامه (أي انضمام شيرميمت) إلى مجموعات مزعجة في الخارج. وهنا، يقول شيرميمت عن هذا الموقف: “لقد أصبت بالصدمة.

أخبرتُ والدي أنني لم أنضم إلى أي حركات سياسية. لقد كانت السلطات الصينية في شينجيانغ هي التي تتحدث من خلال والدي”. وأشار شريممت إلى أن والدته أرسلت إلى السجن، وسبب ذلك على الأرجح هو زيارتها له في تركيا عام 2013.

ويضيف: “عندما طلبت من السفارة الصينية في تركيا إثباتاً لمحاكمة والدتي أو إدانتها، اقترحوا عليّ بدلاً من ذلك كتابة قائمة بأنشطته و اتصالاته بالخارج. لقد قال مسؤول في السفارة: إذا كان بإمكانك معرفة أين أخطأت، فأخبرنا”.

وكان والدا شيرميمت من موظفي الخدمة المدنية الذين علموه التحدث بلغة الماندرين بطلاقة وتجنب السياسة. ومع هذا، يقول شيرميمت: “لأنني من الإيغور، فإن هذا الأمر يجعلني هدفاً للحزب الشيوعي الصيني”.

وفي شينجيانغ اليوم، تعلق الكاميرات في كل شارع وداخل كل سيارة أجرة، ويتمّ إرسال اللقطات إلى الشرطة. كذلك، تتم مراقبة المجمعات السكنية من خلال أنظمة التعرف على الوجه وحراس الأمن، ورموز QR التي يتم مسحها ضوئياً عند كل مدخل أو مخرج. ومع هذا، يقف رجال الشرطة الذين يرتدون السترات الواقية من الرصاص عند محطات الحافلات والمتاجر و “محطات الراحة” المنتشرة في كل مكان والتي غالباً ما تحتوي على صور كبيرة للرئيس الصيني شي جينبينغ.

ووفقاً لـ”لوس أنجلوس تايمز”، فإنّ الصين تفرض رقابة شديدة جداً على الصحفيين، وفي الكثير من المرات جرى التعامل معهم بخشونة من قبل أفراد الأمن، كما طُلب منهم عدم التحدث إلى الناس والإلتزام بلائحة تضعها الشرطة لهم.

وتشير الصحيفة إلى أنّ السجون التي بنتها الصين لاحتجاز الإيغور محاطة بجدران خرسانية عالية وأسوار من الأسلاك الشائعة، في حين أن الشرطة تقوم بدوريات بين أبراج المراقبة.

ومع هذا، تقول “لوس أنجلوس تايمز” أنّ بعض معسكرات إعادة التأهيل قد تم تحويلها مباشرة إلى مرافق عمل. وتحدثّت الصحيفة مع عائلة إيغورية من المثقفين، وأفرادها يخضعون للرقابة الصينية وقد جرى عزلهم عن العام الخارجي منذ العام 2017. ويعيشُ في هذا المنزل رجل من الإيغور وابنته، وهما يقولان أنه ممنوع عليهم الكلام عن أي شيء يخص معاناتهم، لكنهما أرادا التحدث.

وتقول الشابة أنه جرى اعتقال 3 من العائلة عام 2017، مشيرة إلى أنه “اعتقلت بسبب إجرائها مكالمة هاتفية مع الخارج، في حين أنه جرى اعتقال شقيقيها لدراستهما في الخارج، وقد نقلوا جميعاً إلى منشآت منفصلة من دون إجراء أي محاكمات أو إدانات بأي جريمة”.

ولفتت الشابة إلى أنه جرى احتجازها في مركز اعتقال لأكثر من عام، ثم جرى نقلها إلى مركز تدريب، وتقول: “في المكانين، كنت أعيش في غرفة بها أكثر من 10 نساء أخريات. لم يكن لدينا أي اتصال بالعالم الخارجي باستثناء وجود إمكانية لإجراء مكالمة هاتفية واحدة مدتها 3 دقائق مع المنزل كل شهرين”.

وتضيف: “لم أتعرض للضرب، لكن إخوتي تعرضوا للتعذيب، ولم يُسمح لهم بإجراء أي مكامات خلال العام لأول لاحتجازهم”.

وذكرت الشابة أن السلطات الصينية قد تلقنهم يومياً داخل المعسكرات معلومات عن كثيرة عن القوانين الصينية، مشيرة إلى أنه على مدى عام ونصف كانت تعيش من دون أمل الإفراج عنها. وتضيف: “والدي نقل إلى المستشفى مرات عدة لتدهور حالته الصحية، علماً أنه يعاني من مرض القلب. وفي ذات يوم من العام 2019، جرى اطلاق سراحنا فجأة أنا واخوتي”.

وتقول الشابة أن السلطات الصينية ظلت تراقبهم باستمرار، كما أن المسؤولين في منطقتهم يأتون إلى منزلهم يومياً. ومع ذلك، فقد كشفت الشابة أنه لم يتم الإفراج عن الجميع من المعسكرات، إذ جرى نقل البعض إلى المصانع والبعض الآخر إلى السجون.

ووفقاً لـ”لوس أنجلوس تايمز”، فإن مراسلها سأل العائلة عما إذا كان بإمكانه كتابة تجربتهم، فقال له والد الشابة: “يمكنك هذا الأمر، ولكن بعد ذلك: هل سيسمحون لنا بالعيش؟”.

وبحسب الصحيفة، فإن أفراد العائلة كانوا سعداء بمعرفة أن العالم الخارجي يهتم بشينجيانغ وأن بعض الإيغور في الخارج قد تم لم شملهم مع عائلاتهم.

وتقول الشابة: “لم يعد الكثير من الإيغور في شينجيانغ يفكرون في أي شيء بخلاف الأكل والنوم والتواجد معاً وعدم التواجد في المعسكرات”.

Post Author: SafirAlChamal