السّلطة وتداعيات كورونا: الأزمات تتراكم ولا حلول!.. عبد الكافي الصمد

“التنفّس إقتصادياً”. هذا هو الهدف التالي الذي وضعته الحكومة أمامها بعد انتهاء الإقفال القسري بسبب تفشي فيروس كورونا، حسب ما حدّد وزير الصحّة حمد حسن يوم أمس، بعد اجتماع اللجنة الوزراية المكلفة متابعة الفيروس الذي عقد في السرايا الحكومي الكبير برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب.

هذا الهدف الذي حدّده وزير الصحّة جاء بعدما أعلن أنّ الحكومة تنفّست صحياً بعد رفع عدد الأسرّة في المستشفيات، لمواجهة أيّ تطورات سلبية مستقبلية، بعدما امتلأت أسرّة المستشفيات بالمرضى في الفترة السابقة، وبات العثور على سرير لأيّ مريض مصاب بالكورونا أمر بالغ الصعوبة، حتى وصلت الخشية الى أن يصل اللبنانيون لمرحلة قد يموتون معها في الشّارع من غير أن يجدوا مستشفى يستقبلهم للعلاج.

وزير الصحّة الذي أوضح أن “نتائج الإقفال القسري الذي امتد لأسبوعين ستظهر بدءاً من يوم غد الثلاثاء”، مشدّداً على أنّ “علينا الخروج التدريجي المسؤول من الإقفال، ونأمل من المواطنين مساعدتنا لأن الإجراءات هي لحمايتهم”، حذّر بالمقابل من أنّ لبنان “في المستوى ما قبل الأخير من مراحل تفشّي فيروس كورونا، ممّا يفرض علينا خروجا تدريجيا مسؤولا”، ومنبّهاً من أنّه “إذا لم نعتمد إجراءات وفقاً لتصنيفنا، ستبقى معظم القطاعات مقفلة”.

لكنّ وزير الصحّة، وبدلاً من الإشارة إلى تقصير الحكومة تجاه المواطنين الذي عانوا الأمرين خلال فترة الإقفال، من غير أن تبادر الحكومة إلى تقديم أي مساعدة لهم، فإنّه ردّ إنخفاض نسبة الإلتزام بالإقفال إلى حدود النصف إلى “تذاكي” المواطنين على قرار الحكومة، وكأنّ المطلوب منهم ـ وفق وزير الصحّة ـ أن يلزموا منازلهم بلا وجود حدّ أدنى لديهم من مقومات العيش، أو أن تقدّم الحكومة لهم ما يسدّون به رمقهم وجوعهم.

الحلّ لمواجهة الضائقة المعيشية لدى غالبية المواطنين الذين يعيش أكثر من 65 % منهم تحت خط الفقر، هو التعويل على فترة الأعياد خلال الشهر المقبل، علّها تسهم في انتعاش الأسواق وتحريك الركود، والتي أكّد وزير الصحّة أن الحكومة “سنعتمد فيها معايير منظمة الصحّة العالمية”، بما يخصّ التدابير والإجراءات المتخذة.

غير أنّ ما غاب عن بال وزير الصحّة واللجنة الوزارية المكلّفة مواجهة فيروس كورونا وعن بال الحكومة وأهل السلطة ككلّ، أنّ الأمر لا يعالج على هذا النحو، وأنّ مساعدة المواطنين ـ الفقراء منهم تحديداً ـ لا تكون بتقديم مبلغ مالي مقداره 400 ألف ليرة، شابته الكثير من الشوائب، قياساً بحجم الخسائر والأضرار والضغوطات التي تعرّضوا لها، منذ بدء الحكومة تنفيذ قرارات الإقفال القسري بشكل عشوائي وغير مدروس.

مقاربة الحكومة لموضوع الإقفال القسري جاء بالمقلوب، عكس ما قامت به أغلب حكومات العالم، التي قبل أن تفرض الإقفال وبعده، قامت بتقديم المساعدة إلى جميع القطاعات المتضرّرة. ومع أنّ المقارنة ظالمة وغير منطقية، فإنّ الحكومة الألمانية مثلاً وبعدما قدّمت مساعدات ضخمة للمتضرّرين هذا العام، أعلنت عن تقديم حزمة مساعدات بقيمة 22 مليار يورو، تستمر حتى منتصف العام المقبل 2021، للشركات وأصحاب المهن الحرّة لمواجهة تداعيات أزمة كورونا.

وبرغم كلّ ذلك، فإن الحكومة التي ستتراجع عن قرار الإقفال، وإن تدريجياً، إبتداءّ من اليوم، فإنّ أسئلة كثيرة ستطرح حول الإحتياطات الصحّية التي اتخذتها داخل المدارس والجامعات والأماكن العامة، وفي القطاعات كافة وفي الأسواق، وكيف يمكن أن تتنفس الأسواق والمواطنين قليلاً وسط انهيار الليرة وشحّ الأموال وارتفاع نسب البطالة وأزمة الكهرباء والفوضى والتسيّب، والمخاوف الأمنية من غدِ لا يطمئن، ومن سلطة لا تقدّم للمواطنين أي حلّ لأيّ مشكلة أو أيّ أمل لغد أفضل من اليوم.

 

 

 

 

 

Post Author: SafirAlChamal