أديب والحريري: المُقدّمات نفسها.. والمصير أيضاً؟… عبد الكافي الصمد

بصراحته المعهودة عنه، وهو المشهور بـ″الهضامة″ و″الفجاجة″ السّياسية في آن معاً، كشف الوزير السّابق وئام وهاب أمس، في مقابلة تلفزيونية، أنّ “هناك تهديداً جدّياً على الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، سعد الحريري، بالعقوبات في حال شكّل حكومة مع حزب الله″.

بعدما جرى تكليف الحريري تأليف الحكومة في 22 تشرين الأول الماضي، أعلن أنه جاء ليُشكّل حكومة إنقاذ مكوّنة من إختصاصيين، وموضحاً أنّ مهمّة هذه الحكومة هي الإصلاح الإقتصادي على وجه التحديد لمنع لبنان من الإنهيار، محدّداً مدّة زمنية لتنفيذ هذه المهمّة هي 6 أشهر، ومطالباً القوى السّياسية تسهيل مهمته.

لكن بعد اقتراب مرور شهر على تكليف الحريري تأليف الحكومة، لا يبدو أنّه تقدّم خطوة إلى الأمام في مهمّته، كما أنّ عُقداً أخرى وشروطاً صعبة وُضعت أمامه، الأمر الذي جعل قدرته على إنجاز تشكيل حكومته الرّابعة في غاية الصعوبة، ومن غير أن يلوح في الأفق القريب أي بارقة أمل باحتمال ولادة قريبة للحكومة، إلى حدّ أنّ بعض المراقبين ذهب في تشاؤمه حدّاً توقع معه أن لا تبصر الحكومة النور قبل حلول الربيع المقبل، ما سيجعل مهلة الأشهر الستة التي طلبها الحريري لحكومته تنقضي وهو رئيساً مكلّفاً للحكومة، أيّ أنّه سيبقى رئيساً مع وقف التنفيذ.

ومع أنّ الحريري وفريقه السّياسي ما يزالان يردّدان أنّ الحكومة المنتظرة ستأتي ترجمة للمبادرة الفرنسية، وهي مبادرة ماتت وأصبحت من الماضي، فإنّه يُخشى أن يلقى زعيم التيّار الأزرق مصيراً مشابهاً لما آل إليه الدكتور مصطفى أديب، الذي أمضى 27 يوماً رئيساً مكلفاً قبل أن يعتذر بعد اعتراضات وصعوبات عجز عن تجاوزها وحلّها.

ولعلّه ليس صدفة أنّ الولايات المتحدة الأميركية، التي لها رؤيتها وأجندتها المختلفة في لبنان والمنطقة، كانت المعرقل الرئيسي للمبادرة الفرنسية، سواء أيّام اديب سابقاً او في وضع الحريري حالياً. فبعد 9 أيّام على تكليف أديب تأليف الحكومة، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، في 8 آب الماضي، ما جعل أديب يقف بعدها أمام حائط مسدود دفعه إثر ذلك إلى الإعتذار.

مآل أديب تكرّر نصف مشهده مع الحريري، ويبقى إنتظار النصف الآخر من المشهد، فبعد مرور نحو أسبوعين على تكليفه، فرضت وزارة الخزانة الأميركية نفسها عقوبات على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في 6 تشرين الثاني الجاري، ما أعاد مشاورات تأليف الحكومة إلى نقطة الصفر، وما دون.

مؤشّرات جمود المشاورات بخصوص تأليف الحكومة لم تعد تقتصر على تنازع القوى السّياسية على الحصص والحقائب والأسماء في حكومة الحريري المنتظرة، والتي بدت عراقيل وعقد تستعصي على ولادة الحلّ من الداخل اللبناني، بل أضيفت إليها عوامل أخرى، وتطوّرات لا تخلو من دلالات.

أبرز هذه التطوّرات غياب أيّ تواصل بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون منذ 9 أيّام، مع أنّهما معنيان دون غيرهما، دستورياً، بتاليف الحكومة، ما يدلّ على أنّه ليس لدى أحدهما ما يقوله للآخر في هذا المجال.

يُضاف إلى ذلك أنّ سفراء 3 دول خليجية غادروا إلى بلادهم قبل أيّام، هم سفراء السّعودية والإمارات والكويت، ما يشير إلى أنّه ليس هناك حكومة لبنانية ستولد قريباً، وأنّ عليهم مواكبة هذه الولادة، وتحديداً السّفير السّعودي الذي بعدما قامت بلاده برفع غطائها عن الحريري، أبدت موقفاً متشدّداً، شبيهاً بالموقف الأميركي، من مشاركة حزب الله في حكومة الحريري.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal