لبنان على الرفّ حتى مطلع العام المقبل على أقلّ تقدير… عبد الكافي الصمد

ينطبق على لبنان، هذه الأيّام، وصف “الحيّ ـ الميّت”، نظراً للجمود الذي يخيّم على مختلف القضايا والملفات الأساسية فيه، والتي باتت عالقة ومجمّدة تنتظر قرار الإفراج عنها، بسبب فشل الداخل في معالجتها وبارتهان أغلب قواه للخارج، وتأثير التدخّلات الخارجية، الإقليمية والدّولية، في كلّ شاردة وواردة في بلاد الأرز.

هذا الجمود ينسحب على كلّ شيء تقريباً في لبنان، ولعلّ أبرز مؤشّر على ذلك هو ملف تأليف الحكومة المقبلة، التي مرّ أكثر من 20 يوماً على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليفها في 22 تشرين الأول الماضي، إلا أن أي خطوة إلى الأمام لم تسجل في هذا الإطار، لا بل يبدو أن حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب تتصرف وكأنها باقية تمارس مهامها لفترة ليست قصيرة.

محاولة رمي حجر في بحر هذا الركود الذي يعمّ البلاد كلّها، سياسياً وإقتصادياً ومالياً، من أجل تحريك مياهه، بدأها في السّاعات الماضية مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، باتريك دوريل، الذي وصل لبنان موفداً من قصر الإليزيه، في محاولة تبدو أخيرة لإنقاذ المبادرة الفرنسية وإعادة الحياة إليها.

دوريل الذي سيلتقي الرؤساء ميشال عون ونبيه برّي والحريري، إلى جانب عقده لقاءات مع قيادات لبنانية في قصر الصنوبر، سيكون على رأس جدول أعماله محاولة الإستفسار عن مصير الحكومة اللبنانية المقبلة، ومتى ستولد، والإتصالات التي تجري في هذا الصدد، وهل أنّ الحكومة المقبلة ستكون إستجابة للمبادرة الفرنسية، وستشكل من إختصاصين تعمل على إجراء إصلاحات مالية تحديدا لإنقاذ البلد من الإنهيار الذي ينتظره، والتساؤل عن مصير هذه المبادرة، واهتمام السلطات اللبنانية جدّيّاً بها.

لكن المعلومات المتداولة تشير إلى أنّ دوريل لم يأت لهذه المهمّة التي فشل رئيس بلده في تنفيذها، بعد زيارته بيروت مرتين، بل إنّ الموفد الفرنسي يأتي إلى لبنان لإبلاغهم رسالة واضحة هي أن تأخير تأليف الحكومة سيؤخر إنعقاد المؤتمر الإقتصادي، الذي وعد به الرئيس الفرنسي في أواخر تشرين الثاني الجاري لدعم لبنان مالياً وإقتصادياً، هذا إذا لم يتم إلغاؤه بالكامل، ما يعني التخلّي الفرنسي عن دعم لبنان، وتركه يواجه مصيره بنفسه.

في مقابل ذلك، فإن الآمال التي عُلقت على إفراج الولايات المتحدة عن قضية تأليف الحكومة اللبنانية، وتسهيلها هذا الأمر، بعد الإنتخابات الأميركية التي حصلت في 3 تشرين الثاني الجاري، غير مجدية، لأنّ هذا التسهيل لم يحصل عليه الدكتور مصطفى أديب الذي قدّم إعتذاره عن تأليف الحكومة بعد 27 يوماً على تكليفه في 31 آب الماضي، ولا يبدو أن الحريري بدوره سيحصل عليه أيضاً، ذلك أن الإدارة الأميركية مشغولة هذه الأيّام، أكثر من أي شيء آخر، بتداعيات الإنتخابات الرئاسية في بلاد العم سام، والتي يبدو أنها ستستمر إلى حين موعد التسلم والتسليم في البيت الأبيض في 20 كانون الثاني المقبل، على اقلّ تقدير، كما أن هذه الإدارة لا يهمها حالياً سوى الإهتمام بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي تجري بين لبنان والكيان الإسرائيلي على كلّ ما عداه من إهتمامات، والتي يبدو أنّ تأليف الحكومة ليس في مقدمتها.

وإلى جانب عدم إيلاء القوى الدولية الفاعلة أهمية لتأليف الحكومة اللبنانية كونه ليس من أولوياتها هذه الفترة، فإنّ الدول العربية والإقليمية المؤثرة في ملف تأليف الحكومة اللبنانية، وعلى رأسها السعودية وسوريا وإيران تبدو مشغولة بملفات أخرى أكثر أهمية بالنسبة لها، ما يعني بأن ملف لبنان سيبقى موضوعاً على الرفّ حتى مطلع العام المقبل على أقلّ تقدير.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal