مؤتمر النّازحين السّوريين يفتح للبنان فرصة ترتيب علاقته مع سوريا… عبد الكافي الصمد

تتوجه الأنظار على نحو واسع إلى ما سيحمله الوفد الروسي الذي سيصل اليوم إلى بيروت، في زيارة تمتد ليومين، من أفكار وطروحات لديه، لا تتعلق بالجانب السياسي أو الإقتصادي أو الأمني، إنما بالمؤتمر الدولي المزمع عقده، بشكل مبدئي، في قصر المؤتمرات في العاصمة السورية دمشق، في 11 و12 تشرين الثاني المقبل، لمعالجة ملف النازحين السوريين.

يمكن تلمّس أن ملف النازحين السوريين في لبنان سيكون على رأس جدول أعمال الوفد الروسي من خلال تشكيلته، إذ تضم مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، رئيس دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الروسية ومبعوث وزير الخارجية سيرغي لافروف للتسوية السورية ألكسندر كينشاك، إضافة إلى ضابط كبير بوزارة الدفاع الروسية لبحث موضوع المؤتمر.

وبينما تحدثت معلومات عن إمكانية تأجيل عقد المؤتمر أو نقله إلى مكان آخر خارج سوريا، رجّح البعض أنّ العاصمة الكازاخية أستانا قد تكون مقراً له، من أجل ضمان مشاركة دولية أوسع فيه، تفادياً لمقاطعة بعض الدول له، بما يشكل “موافقة” ضمنية على المشاركة فيه خارج سوريا، برغم أن مسؤولين أميركيين كباراً زاروا دمشق مؤخراً، وأجروا مباحثات فيها مع السلطات السورية.

لكن المؤتمر سواء عقد في دمشق أو أستانا أو غيرهما، فإنه يشكل فرصة للحكومة اللبنانية من أجل المشاركة فيه بقوة، وليس أن تكون مشاركته فيه شكلية وهامشية، إذ أن مشاركة على هذا المستوى ستعود بالنفع على لبنان لأسباب عدّة، منها:

أولاً: يوجد في لبنان أكثر من 950 ألف نازح سوري حسب إحصاءات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وهو رقم يوازي أعداد النازحين الموجودين في الأردن، بينما عددهم في تركيا يزيد على 3.5 ملايين نازح. ومن مصلحة لبنان، كما غيره من الدول التي تعاني من تداعيات وجود النازحين السوريين فيها، المشاركة في المؤتمر، لتأمين عودة أكبر عدد منهم إلى بلادهم، وتخفيف عبئهم عن لبنان.

ثانياً: لا تقتصر مصلحة لبنان بالمشاركة في المؤتمر على ملف النّازحين فقط، إنما سيفتح ذلك الباب أمام إعادة التواصل مع الحكومة السورية ومناقشة الكثير من القضايا والمواضيع الحيوية المشتركة بين البلدين، سواء إقتصادياً وما يتعلق تحديداً بالترانزيت والتبادل التجاري ومواجهة التحديات الإقتصادية المشتركة، أو مكافحة التهريب وتفعيل الإتفاقيات الإقتصادية بين البلدين بما يعود بالنفع عليهما معاً، نظراً للروابط التاريخية والجغرافية بينهما، ويخفف كذلك على المواطنين في لبنان وسوريا الأعباء الإقتصادية الثقيلة عليهما هذه الأيام.

ثالثاً: تتحدث معلومات عن أنّ هذا المؤتمر هو مقدمة لإعادة إعمار سوريا، وأنه سيفتح الباب تدريجياً أمام دخول حكومات وشركات وأفراد إلى سوريا لهذه الغاية، لذلك فإن مشاركة لبنان في المؤتمر بجدّية وبشكل واسع، ستكون فرصة له للتنفّس إقتصادياً، والإستفادة من ورشة إعادة إعمار سوريا على كلّ الصعد، خصوصاً إذا ما اعتمد مرفأ طرابلس ليكون إحدى البوابات الرئيسية لذلك.

رابعاً: لا يخفى على أحد أن بعض الجهات في لبنان ستعارض مشاركة لبنان بالمؤتمر، لأسباب سياسية بحتة، أبرزها إرتهانها لقوى خارجية على خصومة مع سوريا ولا تريد الإنفتاح عليها، ولو على حساب مصلحة لبنان، لكن الغريب والمعيب في آن، أنّ الأصوات التي عارضت التفاوض مع كيان العدو الإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية كانت خافتة، بينما يتوقع أن تكون مرتفعة إذا ما أرادت الحكومة اللبنانية أن تتفاوض مع الحكومة السورية في قضايا تعود بالنفع والفائدة على لبنان واللبنانيين، وهو أمر يجب أن تحسمه بحزم الحكومة اللبنانية، سواء الحالية التي تصرّف الأعمال أو المقبلة التي ينتظر تأليفها قريباً، لأن مصلحة لبنان الإستراتيجية يجب أن تكون مقدمة على كل الأهواء والمصالح السياسية الضيقة والمرتهنة للخارج.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal