الحريري ينتقل غداً من ″مأزق″ التكليف إلى ″رهينة″ التأليف… عبد الكافي الصمد

إذا لم تحصل مفاجأة كبيرة غير واردة في الحسبان قد تؤدي إلى تأجيل الإستشارات النيابية الملزمة مرة جديدة، بعد تأجيلها يوم الخميس الماضي، فإنّ إستشارات يوم غد ستفضي إلى تسمية الرئيس سعد الحريري وتكليفه تأليف الحكومة المقبلة.

لكن هذا التكليف ـ المأزق الذي ستكون ولادته صعبة، بعد تأجيل الإستشارات أسبوعاً، وبسبب التجاذب السياسي بين الحريري ومعارضي تسميته، وخصوصاً التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية واللقاء التشاوري ونواب مستقلين، لن يكون إخراجه سهلاً، كما أن مهمة التأليف لن تكون أبداً نزهة للحريري، إذ تنتظره مهمة شاقة وطويلة ستكون الأصعب التي تعترضه منذ دخوله معترك العمل السياسي قبل عقد ونصف.

صعوبات التكليف بدأت منذ اللحظات الأولى التي تلت إعلان الحريري ترشيح نفسه لترؤس الحكومة المقبلة، بدءاً من تأجيل الإستشارات أسبوعا، إلى إعلان كتل ونواب أنهم لن يسمونه في الإستشارات، وما رافق ذلك من أزمات سياسية حادة شهدها لبنان في الأيام الأخيرة، لكن كل ذلك سيبقى صغيراً قياساً بما ينتظر الحريري من صعوبات في عملية التأليف، التي يتوقع كثيرون أنها ستكون الإستحقاق السياسي الأقسى الذي واجهه طيلة حياته السياسية.

وفي هذا المجال، تشير توقعات إلى أنّ الحريري لن ينال ثقة أكثر من 70 سبعين من النوّاب الذي سيسمونه، أبرزهم نواب تيار المستقبل، حركة أمل، اللقاء الديمقراطي، التكتل الوطني، كتلة الوسط المستقل، حزب الطاشناق، الحزب السوري القومي الإجتماعي ومستقلين، وقد ينزل الرقم الى ما دون ذلك، أي أنه سينال ثقة ضعيفة لن تساعده بالتأكيد في عملية التأليف، كما تعكس حجم التراجع الذي أصاب الحريري في السنوات الماضية، وجعلت كثيرين يبتعدون عنه، خصوصاً من حلفائه.

أبرز الحلفاء الذين أعلنوا، لأسباب مختلفة، أنّهم لن يسمونه غداً في الإستشارات هم القوات اللبنانية، ما يترجم التباعد السياسي الذي حصل بين الطرفين في الآونة الأخيرة، إضافة إلى التيار الوطني الحرّ في تطوّر يعكس بوضوح إنهيار التسوية الرئاسية التي جرت عام 2016، ما يعني أن نواب الثنائي المسيحي الأكبر سيحجبون أصواتهم عنه، وهو مؤشر يدل على أن مشاكل الحريري قد بدأت للتو، إذ أنّ أصواتاً كثيرة سترتفع لاحقاً لتقول، وهي بدأت بذلك منذ الآن، إنّ تكليف الحريري قد جاء ناقصاً من الناحية الميثاقية، وأن أكثرية النواب المسيحيين (قرابة الثلثين) قد حجبت أصواتها عنه باستثناء نواب المردة والقومي والطاشناق، فضلاً عن نواب مستقلين.

وإذا كان آخر الذين أعلنوا حجب أصواتهم عن الحريري هم نواب اللقاء التشاوري، فإن الغموض ما يزال يسيطر على موقف نواب حزب الله، ما إذا كانوا سيسمون الحريري تحت شعار معالجة الوضع الإقتصادي، أم أنهم سيقفون على خاطر حليفهم التيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل ولن يسموا الحريري.

وإذ تتفق أغلب الآراء على أن الحريري سيخرج من عملية التكليف مثخناً، فإن عملية التاليف لن تكون أقل صعوبة عليه، وستجعله “رهينة” لها، وستشكل مفصلاً في حياته السياسية وفي حياة لبنان واللبنانيين ككل.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal