عام على 17 تشرين.. أين أخفقت الثورة وأين نجحت؟… ديانا غسطين

هو عام انقضى على ثورة 17 تشرين الأول 2019. ليل ذاك الخميس لم يكن عادياً على اللبنانيين. اذ كان مجرد اقتراح مجلس الوزراء يومذاك بفرض ضريبة  قيمتها 6 دولارات على تطبيق واتساب كفيلاً بنزول الناس الى الشوارع. الا ان الاسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الاحتجاجات كانت ابعد بكثير من ضريبة على تطبيق.

جاءت الثورة او التحركات الاحتجاجية كما يحلو للبعض ان يسميها، لأسباب ترتبط بأزمة السيولة النقدية التي كان لبنان بدأ يعاني منها منذ ايلول في العام نفسه، اضافة الى الاوضاع الاقتصادية المتردية لتتحول الى المطالبة باستعادة الاموال المنهوبة وتقصير ولاية المجلس النيابي كما الدعوة الى اجراء انتخابات نيابية مبكرة.

هذه الثورة التي امتدت عدة اشهر خلقت ازمة سياسية في البلد خرج على اثرها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري معلناً استقالة حكومته، ليعين بعدها حسان دياب رئيسا لحكومة ما لبثت ان استقالت على وقع تداعيات انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي.

اليوم، وفي الذكرى السنوية الأولى لاندلاع ثورة 17 تشرين، اين أخفقت هذه الثورة وماذا حققت من نجاحات؟.

في السياق، تشير المعطيات الى ان الثورة اثبتت ان الشعب اللبناني ليس “نائماً” كما كان يصفه البعض. الى ذلك، يشير العديد من المنضوين تحت راية الثورة الى ان اهم انجازاتها انها ولدت من رحم معاناة الناس، واظهار الرفض الى حدود المواجهة لنظام المحاصصة السائد في مختلف دوائر الحكم، اضافة الى تبني احزاب السلطة في مختلف محافلها خطاب استعادة حقوق المواطنين ومحاربة الفساد كما الانتقال من النظام الطائفي الى الدولة المدنية. فضلا عن  انها ساهمت بخلق دينامية فكرية وثقافية وحوارية في مواجهة القيم السلطوية السائدة.

في المقابل، اخفاقات عديدة تكتنف مسيرة ثورة 17 تشرين، ابرزها عدم وجود ائتلاف مدني تنضوي تحته مختلف المجموعات، ناهيك عن غياب كامل لأجندة واضحة تعمل هذه الثورة على اساسها. كما ان هشاشة الجسم الثوري سمحت بدخول بعض الاحزاب والدول الغربية على الخط، وعملت على استغلال هذه الثورة لتحقيق مآربها الخاصة، في وقت تتهم فيه هذه الانتفاضة احزاب السلطة بمحاولة شيطنتها وحرفها عن مسارها. هذا في الشق السياسي.

اما في الشق الاقتصادي، وفيما يحمل العديد من المواطنين ثورة 17 تشرين مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والمعيشية، وذلك بسبب ما ترتب عن الاحتجاجات من اقفال للشركات والمؤسسات والمحال، يرفض الثوار هذه الاتهامات، معتبرين ان الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد كان هشاً منذ ما قبل اندلاع الثورة وجل ما قامت به احتجاجات تشرين هو التسريع في الكشف عن هذه الهشاشة وعن كذب الطبقة السياسة وفسادها.

هي سنة مرّت ولبنان يعيش اسوأ مراحل تاريخه الحديث على مختلف الأصعدة. فالأزمة السياسية تتعمق مع استمرار خرق رئيس الجمهورية وفريقه للدستور، والأزمة المالية تقضّ مضاجع اللبنانيين لا سيما بعد قرار مصرف لبنان تقييد السحوبات بالليرة اللبنانية، الى ازمة احتكار الدواء ورفع اسعاره، فيما الازمة المعيشية مستفحلة بالتصاعد وجشع التجار يزيد يوماً بعد يوم حتى بات اللبنانيون بالكاد يؤمنون “خبزهم كفاف يومهم”.

اذاً، على ضوء هذه المعطيات، ومع حلول الذكرى السنوية الأولى لثورة 17 تشرين، هل تقوم الثورة ومكوناتها بمراجعة نقدية ذاتية لمسيرتها فتتعلم من اخفاقاتها وتستمد القوة من نجاحاتها وتتمكن حينئذ من تصويب بوصلتها فتعود الى الشارع بزخم اكبر، ام ان الانقسامات الموجودة في صفوف مكوناتها ستتعمق وتنتهي عندها ثورة 17 تشرين الى الأبد؟.

إن غداً لناظره قريب!


مواضيع ذات صلة:

  1. الشعب السايب بيعلم الحكام ع الحرام!… ديانا غسطين

  2. حسن مقلد لـ″سفير الشمال″: الارباك إستثنائي.. ومقارنة بالأرقام وضعنا ليس مستحيلاً!… ديانا غسطين

  3. منتدى ″ريشة عطر″ يكرم الزميلة حسناء جعيتاني سعادة… ديانا غسطين


 

Post Author: SafirAlChamal