أبو الحسن إنتصر على الفتنة والحرب.. وهزمه كورونا

غسان ريفي

قاسيا كان نبأ وفاتك يا أبا الحسن..

بالأمس سألنا الأخ جميل رعد إطمئنانا عنك، فأثلج صدرنا بأنك “أصبحت بخير وقد تم نقلك من العناية الفائقة الى غرفة عادية بعد تماثلك للشفاء”، قبل أن نفاجأ بأن الفيروس اللعين الذي فتك بجسدك، قد ترك آثارا أصابت منك مقتلا، فأسلمت روحك الى بارئها تاركا وراءك فاجعة غلفت قلوب محبيك بالأسى والحزن.

في مثل هذه الأيام قبل 35 عاما وفي حرب طرابلس عام 1985، كان أبو الحسن على جبهة القتال دفاعا عن المدينة وأهلها، وقد أصيب قرب مدرسة التدريب في أبي سمراء برصاصة في رأسه دفعت رفاقه الى وضعه بين عداد الشهداء، قبل أن يصمد ويصارع الموت وينجو بقوة إرادته وبإقباله على الحياة.

منذ ذاك التاريخ، أدرك أبو الحسن أن الروح لا ينتزعها إلا من وضعها، فكرّس حياته للعمل الاسلامي، من دون أن يخشى في الحق لومة لائم، ووضع مواجهة الفتن وتقريب وجهات النظر بين الأحزاب والمنظمات والحركات الاسلامية فوق كل إعتبار، وصولا الى مناداته الدائمة بوحدة الصف.

ظل أبو الحسن متمسكا بثوابته الاسلامية والوطنية، فلم يساوم على حق، ولم يفاوض على تنازل، ولم يدخل في تسويات على حساب الساحة الاسلامية، ولم يقبل الكثير من الاغراءات لتنفيذ أجندة هنا أو هناك، ويُسجل له في هذا الاطار وقوفه في وجه الفتن ما ظهر منها وما بطن، ومساهمته مرات عدة في حماية طرابلس وتصديه لمن كان يسعى الى إنزلاقها نحو إقتتال الأخوة أو القتال المذهبي.

دمث الأخلاق كان أبو الحسن، طيب المعشر، لطيف المناقشة، قوي الحُجة، لم تطأ قدماه مكانا إلا وترك فيه بصمة إيجابية وإنطباعا جيدا عن محاور لبق يتعاطى في تفاصيل حياته ومع إخوانه وفقا للشريعة السمحاء وللدين الحنيف.

رحم الله الحاج محمود البضن (أبو الحسن) وسينبت زرعه الطيب وينمو ويكبر ليُبقيَ ذكراه في القلوب، وما نقول إلا يرضي ربنا وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

Post Author: SafirAlChamal