تأجيل الاستشارات.. رسالة من عون الى الحريري: ″قوم بوس تيريز″!!… غسان ريفي

لم يعد أحد من اللبنانيين يفهم ماذا يدور أو يحصل على الساحة اللبنانية، سوى أنهم يعيشون في ″بلد العجايب″، وبلد ″الاجرام السياسي″ بحق الوطن والشعب، وفي ظل سلطة سياسية تتعامل مع المخاطر بالترف، ومع الأزمات بالانكار، ومع هواجس المواطنين بلامبالاة قاتلة.

في الوقت الذي كان فيه اللبنانيون ينتظرون إجراء الاستشارات النيابية الملزمة اليوم لتكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة وإن بأصوات قليلة قد لا تتجاوز الـ 65 صوتا، للبدء في مسيرة التأليف ومن ثم تطبيق بنود الورقة الاصلاحية المنبثقة عن المبادرة الفرنسية، وفي الوقت الذي بدأ فيه سعر الدولار ينخفض في السوق السوداء بالتزامن مع بوادر الانفراج السياسي، أعاد رئيس الجمهورية ميشال عون الأمور الى نقطة الصفر وخلط الأوراق من جديد، وقرر من دون أي مبرر سياسي تأجيل الاستشارات إسبوعا الى يوم الخميس المقبل، ضاربا بعرض الحائط كل ما حصل من مشاورات خلال اليومين الماضيين، وما نتج عنها من قرارات للكتل النيابية التي أجمعت على المشاركة في الاستشارات والتعاطي مع ترشح الحريري وفقا للرؤية التي تراها مناسبة.

يعزو رئيس الجمهورية قراره بالتأجيل الى طلب بعض الكتل النيابية ذلك، وفي الوقائع فإن السواد الأعظم من الكتل قد حسمت أمرها إما بتسمية الحريري أو عدم تسمية أحد، باستثناء تكتل لبنان القوي برئاسة جبران باسيل، ما يوحي بأن الطلب جاء حصرا من باسيل وقد سارع عمه رئيس الجمهورية الى تلبيته بتأجيل الاستشارات، واضعا نفسه كرمى لعيون الصهر في موضع المعطل أو المعرقل، أو المحارب للمبادرة الفرنسية التي تترنح في مستنقع الخلافات.

لماذا طلب باسيل التأجيل؟

لا شك في أن باسيل شعر أن الاستشارات ستجري من دونه وأن الميثاقية المسيحية ستكون مؤمنة للحريري من خلال نواب مسيحيين ما يعني تكليفه برئاسة الحكومة بمعزل عنه وعن تكتله النيابي، وربما يخرج “من المولد بلا حمص”، في التكليف أولا ومن ثم في التأليف طالما لم يسم الحريري، وبالتالي فهو لم يعد قادرا على اللعب بورقة الميثاقية ضمن الحكومة.

كما أن باسيل كان يتطلع الى إتصال أو لقاء مع الحريري لكن ذلك لم يحصل، فكانت رسالة رئيس الجمهورية الى زعيم المستقبل “قوم بوس تيريز”، حتى لا تنسحب هذه القطيعة على عملية التأليف، فضلا عن شعور باسيل بأنه محاصر حكوميا بخروج زمام الأمور من بين يديه، ووطنيا من خلال إساءته للدستور وإتفاق الطائف، ما دفعه الى تعطيل تسمية الحريري لفتح المجال أمام مشاورات جديدة ربما تساهم في عودته الى المشهد السياسي الذي خرج منه.

يبدو واضحا أن باسيل يسعى ويحاول إستدراج رئيس الجمهورية الى إرضاء الادارة الأميركية على حساب فرنسا التي تعرضت لطعنة منهما بتعطيل مبادرتها أو تأخير تنفيذها، وقد بدا ذلك واضحا من خلال تأجيل الاستشارات، ومن ثم عبر الخلاف مع حزب الله حول مكونات الوفد المفاوض على ترسيم الحدود مع العدو الاسرائيلي ما إضطر الثنائي الشيعي الى إصدار “بيان الفجر” وهو أمر لا يحصل إلا عند الملمات الكبرى، ما يعني أن باسيل بدأ وبدعم من الرئيس عون بتقديم أوراق إعتماده للأميركي لتحقيق أكثر من مصلحة ومن طموح.

يمكن القول إن تأجيل الاستشارات النيابية قد أحرجت أيضا الرئيس سعد الحريري الذي سبق وأعلن أنه في حال التأجيل سيسحب ترشيحه ويعتبر أن مبادرته فشلت، فهل يفعلها اليوم؟، أم أن الأمر بلغ حد التحدي الذي سيجعله مصرا على ترؤس الحكومة وإنقاذ المبادرة الفرنسية؟، علما أن هذا التأجيل سيعطي زخما كبيرا للذكرى السنوية الأولى لثورة 17 تشرين خصوصا أنها ستتزامن مع جنون جديد لسعر الدولار الأميركي بسبب تأجيل الاستشارات وإتجاه الأفق السياسي نحو الاقفال وصولا الى أزمة حكم في لبنان.  


مواضيع ذات صلة:

  1. جريمة كفتون.. أنقذت لبنان!.. غسان ريفي

  2. في كانون الأول المقبل.. لبنان يكون أو لا يكون!… غسان ريفي

  3. لغة العالم لا تفهمها السلطة.. والعهد يطلق النار على نفسه!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal