كرة الإعتراض على الحريري تكبُر.. وخيارات مرّة بانتظاره… عبد الكافي الصمد

قبل نحو عشرة أشهر من اليوم، وتحديداً قرابة السّاعة العاشرة ونيّف من صباح يوم الإثنين الواقع في 16 كانون الأوّل من عام 2019، أعلنت دوائر القصر الجمهوري في بعبدا أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون قد “أجّل الإستشارات النيابية الملزمة إلى يوم الخميس المقبل، في التاسع عشر من الشهر نفسه، لمزيد من التشاور، وذلك بطلب من رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري”، قبل أن يُغرّد عون على حسابه في “تويتر” أنّه “تجاوب مع تمنّي الرئيس الحريري تأجيل الإستشارات النيابية، لمزيد من التشاور في موضوع تشكيل الحكومة”، في موازاة إشارة مصادر إعلامية إلى أنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي “إتصل بعون وطلب منه تأجيل الإستشارات “بتمنٍّ” من الحريري”، مضيفةً أنّ الحريري “طلب تأجيل الإستشارات لأسبوع، لكنّ رئيس الجمهورية رفض ذلك وأجّلها إلى الخميس فقط”.

هذا السيناريو يتوقّع كثيرون أن يتكرّر مجدّداً، وأنّ الإستشارات التي حدّد عون موعدها إبتداءً من السّاعة التاسعة من صباح يوم غد ستتأجل إلى موعد آخر، قد يحدّده عون وقد لا يحدّده، في ضوء الإتصالات والتطوّرات التي ستحصل في الساعات القليلة المقبلة قبل انطلاق الإستشارات عملياً.

يومها وبعدما طلب الحريري تأجيل الإستشارات، أعلن بعد ذلك بيومين أنّه “لن أكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة”، بعدما لمس رفضاً سعودياً لعودته إلى الرئاسة الثالثة، وأنّ هذا الرفض تُرجم محلياً بإبلاغ حلفاء الحريري المقربين من السعودية، وتحديداً القوّات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي، عدم تسميتهم له، ما جعل الحريري يفهم الرسالة السعودية ويسحب إسمه من التداول، مفسحاً في المجال أمام تكليف الرئيس حسّان دياب تأليف الحكومة في اليوم التالي.

فبعد إعلان الحريري، في مقابلته التلفزيونية يوم الخميس الماضي، عن ترشّحه لتأليف الحكومة المقبلة، معتبراً نفسه “مرشحاً طبيعياً” للمنصب، بدأت أصوات كتل نيابية عدّة ترتفع وتعلن بوضوح أنّها لن تسميه في استشارات يوم غد، صدر أبرزها عن حليفيه السابقين القوّات والإشتراكي، الذي يبدو أنّ الشرخ بينه وبينهما لم يلتئم منذ ذلك الحين، لا بل إنّ ذلك الشرخ زاد واتسع بعدما أرسل الحريري في مقابلته التلفزيونية إنتقادات ورسائل سلبية إلى الطرفين.

هذا التوتر بين الحريري وحليفيه السابقين إرتفعت وتيرته وشهد سجالاً قاسياً، بعدما انتقد جنبلاط “التكليف قبل التأليف”، معتبراً ذلك “إنقلاب في الأدوار وآخر ما تبقّى من إتفاق الطائف”، ومعلناً رفضه إستقبال وفد كتلة المستقبل الذي كلفه الحريري بالتشاور مع الكتل النيابية قبل مشاورات تكليف رئيس جديد للحكومة، قائلاً: “ليس هكذا يعامل وليد جنبلاط”؛ بينما اعتبرت القوّات أنّه “كان الحري بالرئيس الحريري أن يركِّز على الطرف الذي عطّل المبادرة الفرنسية، ويحول دون قيام الدولة منذ العام 2005 إلى اليوم، كما كان حرياً به أن يضع نصب عينيه أولوية تشكيل حكومة إنقاذ تفرمل الإنهيار، بدلاً من إلقاء التهم جزافاً على القوات اللبنانية”.

هاتان الضربتان اللتين تلقاهما الحريري أضيفت إليهما ضربة ثالثة أمس، بعد الهجوم الحاد الذي وجّهه إليه رئيس التيّار الوطني الحرّ جبران باسيل، بتأكيده أن “من يريد أن يرأس حكومة إختصاصيين يجب أن يكون هو الإختصاصي الأوّل”، ومضيفاً أنّه “لا يمكننا أن نقبل بشخص يستمر بالقول إنه بعد 30 سنة يريد المحافظة على السياسة نفسها ونفس الأشخاص ويتوقّع نتائج مختلفة”، معتبراً ذلك “غباء”.

تطوّرات المشهد السياسي بهذا الشكل الدراماتيكي سيجعل الحريري أمام خيارات مرّة، أبرزها ثلاثة: الأول أن يُوسّط برّي لدى عون لتأجيل الإستشارات كما حصل قبل 10 أشهر؛ والثاني أن يستمر في ترشحّه لتكليف تأليف الحكومة وتجري الإستشارات في موعدها المحدد، والتي قد تُسفر عن مفاجأة “صادمة” للحريري بحصوله على أصوات هزيلة، ما سيطرح تساؤلات حول مستقبله السياسي؛ والخيار الثالث أن يعلن الحريري سحب ترشيحه لتشكيل الحكومة المقبلة.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal