سعد الحريري.. رئيس حكومة أو مهاجر؟!.. غسان ريفي

قبل أيام من إطلالته التلفزيونية نقلت مصادر مقربة من الرئيس سعد الحريري قوله في مجلس خاص، أنه ″إما أن يصار الى تكليفه برئاسة الحكومة أو أنه سوف يترك لبنان ويهاجر″، وخلال مقابلته أمس الأول أضاء الحريري أكثر من مرة على خيار ترك السياسة والهجرة.

كلام الحريري أكد أن الرجل يرغب بشدة في العودة الى رئاسة الحكومة لأسباب عدة أبرزها شعوره أن حضوره السياسي بات مهددا، وأن أي رئيس حكومة قد يأتي وتخدمه الظروف الاقليمية والدولية ويستطيع أن يضع لبنان على طريق الانقاذ، قد يغطي عليه بشكل كامل، لذلك وجد كثيرون أن الحريري الذي مارس الزهد السياسي خلال عام مضى، عاد الى نغمة “أنا أو لا أحد” أو بالأحرى الى “الأنانية السياسية” التي طبعت مسيرته منذ العام 2005. 

يبدو واضحا أن ليس لدى الحريري أي مشكلة بأن يكون رئيس حكومة لادارة الأزمة، وأن يشكل حكومة ثانية وثالثة للخروج بعد ذلك من الأزمة، بعدما كان الاتجاه الى الاتيان برئيس حكومة من خارج النادي السياسي للتعامل مع الانهيار القائم، ومن ثم تعبيد الطريق أمام رئيس تقليدي من النادي السياسي يقود البلاد نحو الانفراج الاقتصادي.

هذا الواقع إصطدم بالتركيبة السياسية اللبنانية التي رفضت تسمية رئيس تكنوقراط على رأس حكومة من الإختصاصيين (مصطفى أديب نموذجا) حيث أصرّ عدد من التيارات السياسية على التمثيل ضمن الحكومة وخصوصا الثنائي الشيعي، لذلك طرح الرئيس نجيب ميقاتي قاسما مشتركا بين مطالب القوى السياسية تمثل بمبادرته التي تقضي بتشكيل حكومة عشرينية تكنوسياسية برئيس وخمسة وزراء سياسيين و14 وزيرا إختصاصيا يديرون شؤون الوزارات، وهو جمع في ذلك بين المبادرة الفرنسية ومطالب الأحزاب، في حين أراد الرئيس الحريري الالتزام بالمبادرة الفرنسية مع خرق في رئاسة الحكومة بترشيح نفسه بدل تسمية رئيس مستقل.

اللافت في خطوة الحريري المستجدة هو إبتعاده رسميا عن حليفيه القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، وإقترابه مجددا من الثنائي الشيعي الذي يدعم ترشيحه، ويمهد الى وصل ما إنقطع مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، الأمر الذي قد يؤمن للحريري أكثرية ميثاقية في الاستشارات النيابية تعطيه فرصة لاجراء مشاورات أوسع وأشمل.

كل ذلك، يطرح سلسلة أسئلة لجهة: هل ما قام به الحريري ناتج عن متغيرات أقليمية ودولية أعطته الضوء الأخضر للعودة الى رئاسة الحكومة أم هو عبارة عن قفزة في الهواء قد يكون لها تداعيات سلبية جدا؟، وهل حصل تغيير في الموقفين الأميركي والسعودي؟، وهل لهذا التغيير علاقة بالفرنسي على صعيد الطلب أو التدخل؟، وهل للتغيير الأميركي علاقة بملف ترسيم الحدود؟.

ثم بعد ذلك، هل يوافق حزب الله على طرح الحريري الذي يناقض في جوهره كلام السيد حسن نصرالله الذي شدد على تمثيل المقاومة حماية لظهرها؟، أم أنه يتمسك بحكومة تكنوسياسية؟، وكيف سيتعاطى الحريري مع تصلب القوات والاشتراكي؟ وهل موقفيهما نابعان من وحي إقليمي أم من حسابات محلية؟.

في كل الأحوال أمام الحريري 72 ساعة حاسمة لاجراء المشاورات، والتي من شأنها أن تؤمن تسميته رئيسا مكلفا في إستشارات الخميس المقبل، فهل ينجح وتسير الأمور على ما يرام؟، أم أنه يضطر الى بعض التنازلات بتحويل حكومته الى تكنوسياسية؟، أم أنه يُكلّف ولا يؤلف؟ أم يكمن الشيطان في التفاصيل فتبوء جهوده بالفشل وتؤجل الاستشارات الى وقت لاحق فيعود الحريري الى التهديد بالهجرة؟!..


مواضيع ذات صلة:

  1. جريمة كفتون.. أنقذت لبنان!.. غسان ريفي

  2. في كانون الأول المقبل.. لبنان يكون أو لا يكون!… غسان ريفي

  3. لغة العالم لا تفهمها السلطة.. والعهد يطلق النار على نفسه!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal