أسئلة صعبة وأجوبة غامضة حول مصير الحكومة المنتظرة!… عبد الكافي الصمد

منذ اعتذار الدكتور مصطفى أديب عن مهمّة تأليف الحكومة في 26 أيلول الماضي، بعدما أمضى 27 يوماً مُكلّفاً من غير أن ينجح في مسعاه، طُرحت أسئلة واسعة في كلّ الأوساط السّياسية بلا استثناء، يدور أغلبها حول نقطتين: الأولى متى سيتم تحديد موعد الإستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية سياسية تأليف حكومة جديدة، ومن ستكون هذه الشخصية؛ والنقطة الثانية متى ستبصر الحكومة الجديدة النّور، وهل تأليفها مرتبطٌ بمواعيد وتطوّرات معينة؟

الأجوبة عن أسئلة النقطة الأولى ما تزال حتى اليوم غامضة، وليس هناك من إجابات واضحة عليها، ويسود تكتم شديد في أوساط القصر الجمهوري في بعبدا حيث يفترض أن تعلن دوائره موعد الإستشارات النيابية الملزمة، كما يسود تكتم مشابه في الأوساط السياسية المعنية باسم الرئيس المكلف تأليف الحكومة المقبلة، برغم تسريب أسماء عدّة رُشحت لهذه المهمّة، إلا أنّ حسم أيّ منها ما يزال غير مؤكّد بعد.

ولم يعد خافياً أن تمهّل القصر الجمهوري في الدعوة لاستشارات نيابية جديدة يعود إلى أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون لا يريد تكرار تجربة مصطفى أديب مجدّداً، ويفضّل تأخير تحديد موعد الإستشارات إلى حين التوافق على إسم شخصية سياسية تلقى تأييداً واسعاً، والإتفاق كذلك على الخطوط العريضة لتشكيلة الحكومة المقبلة.

في الوقت ذاته، فإنّ الشخصيات السّياسية المطروحة لتكليفها بتأليف الحكومة، المعلن منها والمستتر، ما تزال تتردّد بقبول هكذا مهمّة، وتضع شروطاً مسبقة قبل موافقتها على “معمودية النّار” تمهيداً لعبورها باتجاه السراي الحكومي الكبير، إذ بات واضحاً حجم التعقيدات الداخلية والخارجية التي تعرقل وتؤخّر تأليف الحكومة، وبالتالي تدرك أغلب الشخصيات المرشّحة والمطروحة لهذه المهمة، بأنّ التوافق الداخلي والخارجي هو المدخل الفعلي لتأليف أيّ حكومة، وإلا فإن التأليف سيبقى في علم الغيب.

أمّا الأجوبة عن أسئلة النقطة الثّانية، والمتعلقة بموعد ولادة الحكومة، فالغموض ذاته تقريباً يسودها، وسط تضارب في المعلومات والقراءات والتحليلات، ما يجعل المسألة أشبه باللغز الذي يعجز كثيرون عن فكّ طلاسمه.

هذان التّضارب والغموض يبرزان من خلال أسئلة كثيرة لم تتوافر إجابات عنها بعد، ومن أبرزها:

أولاً: هل إذا حصلت إستشارات وسُمّيت شخصية سياسية معينة لتأليف الحكومة سيكون الامر سهلاً وسريعاً، أم أنّ العوائق ستظهر مجدّداً وستتكرّر تجربة أديب مرّة ثانية؟

ثانياً: إذا كانت الأمور ذاهبة نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية، لأن تجربة حكومة الرئيس حسّان دياب من “المستقلين” لم تنجح، وتجربة حكومة أديب من “الإختصاصيين” لم تبصر النّور، فلماذا إذاً كانت إستقالة الرئيس سعد الحريري في 27 تشرين الأول العام الماضي، والتي كانت حكومة وحدة وطنية، ولماذا جرى ويجري تضييع كلّ هذا الوقت على حساب البلاد والعباد؟

ثالثاً: طرح الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة مختلطة من إختصاصين وسياسيين مكوّنة من 20 وزيراً (14 وزيراً إختصاصياً و6 وزراء سياسيين)، لكنّ هذا الطرح لم تتلقاه القوى السياسية كمخرج حتى الآن، كما لم تُقدّم بالمقابل بديلاً منه، ما يشير إلى أنّ الجمود سيكون سمة المرحلة المقبلة.

رابعاً: كما ربط كثيرون مصير الحكومة المقبلة بالإنتخابات الرئاسية الأميركية المرتقبة في 3 تشرين الثاني المقبل، كذلك ربطها البعض بمفاوضات “إتفاق الإطار” التي ستبدأ بعد أيام بين لبنان والكيان الصهيوني لترسيم الحدود البحرية؛ فهناك رؤيتان بهذا الجانب: الأولى تقول إنّ تأليف الحكومة سيكون قريباً لتشرف وتتابع هذه المفاوضات، والثانية تقول إنّ تداعيات هذه المفاوضات، سواء نجحت أم فشلت، يجعل من الأفضل لكثيرين في لبنان والخارج عدم وجود حكومة عاملة لا تستطيع تحمّل هذه التداعيات، والإكتفاء بحكومة تصريف الأعمال.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


  

Post Author: SafirAlChamal