لبنان ينتظر مجدّداً: إستشارات التكليف إلى ما بعد إنتخابات أميركا… عبد الكافي الصّمد

بعد اعتذار الدكتور مصطفى أديب عن تكليفه تأليف الحكومة في 26 أيلول الماضي، طُرحت أسئلة في مختلف الأوساط السّياسية حول متى سيحدّد رئيس الجمهورية ميشال عون موعداً لإجراء إستشارات نيابية ملزمة لتكليف شخصية جديدة تأليف الحكومة العتيدة، وسط أجواء سياسية ضبابية لا تملك موعداً محدّداً لذلك.

هذا الغموض يعود برأي أغلب المراقبين لسببين: الأوّل أنّ عون والأوساط السياسية على اختلافها لا تريد تحديد موعد لإجراء الإستشارات لأسباب دستورية أو سياسية تستوجب عدم التأخير في ذلك، على قاعدة “الفنّ للفنّ”، قبل الإتفاق على إسم الرئيس المكلّف والخطوط العريضة لحكومته، حتى لا يتكرّر معه ما حصل مع أديب ويتعذّر التأليف، لأنّ الأوضاع العامّة في البلاد، إقتصادياً وأمنياً تحديداً، لم تعد تحتمل هذا الترف من الإنتظار والتجارب.

أمّا السبب الثاني فهو أنّ هناك توافقاً شبه ضمني بين مختلف الفرقاء السّياسيين على تأجيل إجراء إستشارات التكليف إلى ما بعد موعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية في 3 تشرين الثاني المقبل، وانتظار النتيجة التي ستخرج بها، لتتضح صورة التوجّه الجديد لإدارة البيت الأبيض، إمّا بإعادة إنتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجدّداً، أو انتخاب منافسه جو بايدن.

هذا الإنتظار الذي يوافق عليه البعض ضمناً أو يعارضه، لن يُقدّم أو يُؤخّر في الامر شيئاً، ذلك أنّ الإنتظار والتمديد والتأخير في إنجاز وترتيب الإستحقاقات الدستورية في لبنان قد بات سمة غالبة على معظمها، سواءٌ كان الأمر متعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية أو إجراء إنتخابات نيابية أو تكليف رئيس جديد تأليف الحكومة؛ وآخر مؤشر على ذلك أنّ حكومة الرئيس حسّان دياب التي استقالت في 10 آب الماضي، لم يحدد موعد إجراء إستشارات نيابية لتكليف شخصية أخرى تأليف حكومة جديدة إلا بعد 21 يوماً، واللافت أن الأيّام الـ27 التي استغرقها أديب لتأليفه حكومته فيها قد إنتهت باعتذاره عن هذه المهمّة.

بناءً عليه، يبدو أنّه ليس في أيدي اللبنانيين، حكومةً وطبقةً سياسيةً وشعبا، سوى تقطيع الوقت، وهو هنا قرابة شهر، إلى أن تتضح ملامح السّياسة الأميركية الجديدة نحو لبنان والمنطقة والعالم، بعد معرفة هوية السّاكن الجديد للبيت الأبيض، كي يبنى على الشيء مقتضاه، في بلد لطالما ربط مصيره بما يحصل في الإقليم والعالم.

حتى ذلك الحين ستستمر حكومة دياب في تصريف الأعمال، وسط مقاربات متناقضة وتساؤلات حول إنْ كان تصريف الأعمال سيتجاوز مفهومه الضيّق أو يتسع إذا طالت فترة تأليف الحكومة، أو فرضت تطوّرات وظروف معينة ذلك، خصوصاً في ظلّ الوضع الذي يعيشه لبنان والمعرّض للمزيد من ‏التأزم، وهو أمر يتوقعه كثيرون وإنْ كانوا يفضّلون التريّث في مقاربته، مستندين إلى المثل القائل: “لكلّ حادث حديث”.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal