الطبقة السياسية أمام خيارين: حكومة إنقاذ أو سقوط لبنان!… غسان ريفي

ترقد المبادرة الفرنسية في غرفة العناية الفائقة، فيما تتكثف الجهود لانقاذها من ″الموت″ سواء بمنحها مزيدا من الأوكسجين أو بإعطائها جرعات مضادة لـ″الالتهابات السياسية″ التي أصابتها بـ″إشتراكات″ ضربت بنية حكومة مصطفى أديب الذي يستعد اليوم لحسم الموقف في قصر بعبدا إما تشكيلا وإنتظار ″نكسة″ مجلس النواب، أو إعتذارا، إلا في حال كان الرأي الفرنسي بتمديد فترة ″العلاجات″ التي بدأت أمس على قدم وساق من ″الوصفة المصرية″ الى حرفية اللواء عباس إبراهيم في الانعاش، الى ″الكونسولتو السياسي″ الذي إنعقد بالشراكة بين السفير الفرنسي برونو فوشيه وحزب الله للتفاهم على صيغة تكتب لهذه المبادرة حياة جديدة.

في الشكل يبدو المشهد سوداويا، في ظل الانقسام العامودي حول التشكيلة الحكومية، وتشبّث كل فريق بموقفه حيال وزارة المالية وأحقية الثنائي الشيعي فيها، والمداورة بين الطوائف، وتسمية الوزراء، والتهديد بحجب الثقة في مجلس النواب، وعدم تواصل الرئيس المكلف مع الثنائي أو حتى مع التيارات السياسية الأخرى، ليأتي موقف الرئيس سعد الحريري التصعيدي ويزيد الطين بلة، ويقفل الأبواب أمام المبادرة الفرنسية ويصعّب من مهمة مصطفى أديب الذي يبدو أن البعض يريد تحميله أكثر مما يحتمل، بتصفية حسابات معينة من خلاله، علما أن أديب لم يأت ليلعب دورا سياسيا، بل هو جاء لتنفيذ مهمة ببنود محددة تهدف الى انقاذ لبنان من الأزمات التي يتخبط فيها.

أما في المضمون فثمة بصيص أمل في نهاية نفق مظلم، في أن تنجح مساعي ربع الساعة الأخير بالتوصل الى حل يكسر المواقف المتشنجة، ويساهم في تدوير الزوايا والوصول الى قواسم مشتركة تعيد إحياء المبادرة الفرنسية تمهيدا لانتاج حكومة الانقاذ، خصوصا أن الجميع بدون إستثناء لا يريدون لهذه المبادرة أن تسقط، بهدف الحفاظ على العلاقات الجيدة مع فرنسا التي يواجه رئيسها إيمانويل ماكرون التعقيدات اللبنانية من جهة، والأجندة الأميركية المستمرة في إستعداداتها لاصدار المزيد من العقوبات والتي أدت “الصلية” الأولى منها الى أضرار كبيرة بالمبادرة زعزعت الأرض تحت الحكومة.

لا يختلف إثنان على أن الجميع يتهيب تداعيات سقوط المبادرة الفرنسية وإعتذار الرئيس مصطفى أديب، خصوصا أن كل التقارير تشير الى أن الأزمات ستبلغ مداها، بدءا بصعود جنوني للدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية من دون سقف وإنعكاسه على أسعار كل السلع، مرورا بتهديد حاكم مصرف لبنان برفع الدعم عن المواد الغذائية الذي سيدخل كل اللبنانيين الى نادي الفقراء وسيضاعف من نسب البطالة والجوع، وصولا الى عدم الاستقرار المجتمعي والتوترات الأمنية التي ستتنامى، فضلا عن إمكانية قيام الخلايا الارهابية باستغلال حالة الفوضى القائمة لتفعيل عملها، وما حصل في البداوي قبل أيام والنتائج الكارثية التي خلفها سوى نموذج لما قد تكون عليه الأمور.

كل ذلك، يعني أن ثمة مواجهة جديدة حتمية بين الطبقة السياسية التي قدمت مصالحها ومكاسبها على إمكانية إنقاذ لبنان، وبين المواطنين الذين يستعدون لاحياء ثورة 17 تشرين، فضلا عن مواجهة العقوبات الأميركية التي لن تستثني أحدا وربما يضاف إليها عقوبات فرنسية، الأمر الذي سيدخل لبنان في المجهول أو يدفعه نحو الزوال بحسب ما قال وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، قبل أن يحذر الرئيس ماكرون من حرب أهلية بدأت بوادرها تظهر في أكثر من منطقة، فهل تعي الطبقة السياسية مسؤوليتها الوطنية وتتمسك بالمبادرة الفرنسية وتسير بحكومة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. قبل فوات الأوان؟.


مواضيع ذات صلة:

  1. جريمة كفتون.. أنقذت لبنان!.. غسان ريفي

  2. في كانون الأول المقبل.. لبنان يكون أو لا يكون!… غسان ريفي

  3. لغة العالم لا تفهمها السلطة.. والعهد يطلق النار على نفسه!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal