مات أبو حلمي.. وداعا يا عميد الملاعب

غسان ريفي

كلما جاء فريق لبناني أو عربي الى ملعب الشهيد رشيد كرامي البلدي بفروعه الثلاثة (الأساسي والاضافي الأول والاضافي الثاني) كان جهازه الفني ولاعبوه يسألون ما هي “الوصفة السحرية” التي تُستخدم في ملاعب طرابلس ليكون “عشبها” بهذه الروعة التي تعطي المباريات نكهة مميزة، وتحفز اللاعبين على العطاء وتقديم الأفضل؟، فكان الجواب يأتي دائما أن ثمة “وصفة سحرية” لدينا إسمها “أبو حلمي”.

من الصعب جدا، أن ندخل الى الملعب البلدي ولا نجد “أبو حلمي”، فذاك الرجل المتعدد المهمات والمواهب والمزايا، في تاريخه الكروي، وأخلاقه وخبرته وتوجيهاته وتعليماته وإكتشافه اللاعبين من النظرة الأولى، وعلاقاته مع كل الأندية من رؤسائها الى أصغر لاعب فيها، ورعايته على مدار أكثر من خمسين عاما للملعب البلدي الذي كان مضرب المثل بين ملاعب لبنان، زرع بصماته في كل الأرجاء من خط الوسط ودائرته الى خطيّ التماس، والركنيات، ومنطقتي الجزاء وخطيّ المرمى، والعارضات، والشباك التي لم تكن لتهتز في أي مباراة لولا إبداعات “أبو حلمي” وإخلاصه وتفانيه في عمله الذي حوّله الى موظف سوبر في بلدية طرابلس جرى تمديد عقده بعد سن التقاعد لأكثر من عقدين من الزمن بعدما فرضته خبرته وحنكته على المجالس البلدية المتعاقبة.

مع رحيل الحاج أحمد الصباغ، تخسر طرابلس جزءا من تاريخها وذكرياتها وزمنها الجميل وحضورها الكروي، خصوصا أن “أبو حلمي” لم يكن مجرد موظف أو خبير يهتم بالملعب البلدي وأرضيته، بل كان عابرا لكل الأندية وصاحب الكلمة المسموعة فيها، من الرياضة والأدب الذي خاض معه مسارا طويلا الى جانب الكابتن شحاته (رحمه الله) وكان السند لعميد الكرة اللبنانية عبدالقادر قمر الدين “أبو أحمد” وراعي مسيرة نجومه، وفي الاجتماعي الذي كان يجد فيه الأب والموجه، وفي أندية طرابلس والتضامن وحركة الشباب والسلام زغرتا الى الأندية في سائر الدرجات الثانية والثالثة والرابعة التي ترى في “أبو حلمي” صمام أمان وضمانة لاستمرار مسيرة كرة القدم الشمالية.

أبو حلمي.. لا يوجد فريق أو مدرب أو لاعب أو صحافي أو مصور أو مراقب أو مشجع وطأت قدماه أرض ملعب رشيد كرامي البلدي إلا وسيذكرك بالخير ويترحم عليك، لأنك كنت تحمل الخير والعطاء والحب والرعاية للجميع..

أبو حلمي.. يودعك اليوم ملعب رشيد كرامي بحرقة، ويبكيك عشبه الذي حافظت عليه أخضرا نضرا، كما تودعك وتبكيك طرابلس وأنديتها ولاعبيها وحكامها ومحبي كرة القدم الذين كبروا على يديك، وسيذكرونك بالخير جيلا من بعد جيل كلما تدحرجت كرة على أرض الملعب البلدي.

أبو حلمي.. وداعا يا عميد الملاعب.. رحمك الله والى جنان الخلد بإذن الله.

تم تشييع الحاج أحمد الصباغ “أبو حلمي” عقب صلاة ظهر اليوم الأحد في جامع محمود بك ووري جثمانه الثرى في جبانة التبانة، وقد نعته أندية طرابلس، كما نعاه رئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض يمق، فيما إعتذرت عائلته عن تقبل التعازي بسبب الأوضاع الصحية الراهنة.

Post Author: SafirAlChamal