هل نسف الأميركيون مساعي تأليف الحكومة والمبادرة الفرنسية؟… عبد الكافي الصمد

لم تكد مساعي تشكيل الحكومة المقبلة، برئاسة الرئيس المُكلّف مصطفى أديب، تأخذ زخماً ودفعة معنوية هامّة بفعل المبادرة الفرنسية، على خلفية مهلة الـ15 يوماً لتأليفها التي أعطاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للطبقة السّياسية اللبنانية، يوم زار لبنان ليومين مطلع الشهر الجاري، حتى وجدت هذه المساعي نفسها تسير في حقل ألغام سياسي ستأخذ وقتاً ليس قصيراً لعبوره، عدا عن أنّه محفوفٌ بالمخاطر من كلّ جانب.

حقل الألغام هذا لا يقتصر على الجانب المحلي وتهافت القوى السياسية على التمسّك بالتمثل في الحكومة وبقائها قابضة على عنق السلطة، لجهة رفضها تشكيل حكومة مصغرة لأنها لا تلبّي طموحات هذه القوى بالمشاركة، فضلاً عن رفضها التنازل عن حقائب وزارية سيادية وأساسية باتت تعتبرها حقّاً مطوّباً لها، بل وجدت مساعي تشكيل الحكومة في طريقها حقل ألغام خارجي لا يقلّ تعقيداً وخطورة عن حقل الألغام الداخلي.

هذا الحقل من الألغام برز عندما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرضها عقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، ذلك أنّه جاء في توقيت حرج ومريب، وفي عزّ المساعي التي تبذل لتأليف الحكومة، ما أصاب هذه المساعي بالشلل والجمود، وجعل الأنظار تتجه إلى مكان آخر، ما أثار شكوكاً بأنّ هذه العقوبات ليست بريئة، وأنّها بشكل أو بآخر تستهدف المبادرة الفرنسية وإجهاضها مبكراً.

فالفرنسيون الذين انفتحوا على حزب الله خلال زيارة ماكرون الأخيرة إلى بيروت، نسف الأميركيون هذا الإنفتاح ووجّهوا ضربة قاسمة له، وسط تسريبات أنّ أسماء أخرى ستوضع على لائحة عقوبات وزارة الخزانة الأميركية في وقت قريب، في مشهد لا يعكس أبداً الكلام الذي قيل عن تنسيق أميركي ـ فرنسي لمعالجة أو تهدئة الملف اللبناني، لأن الخطوة الأميركية تسير في الإتجاه المعاكس، وستترك تداعيات لن يكون من السهل تجاوزها في أي استحقاق، وتحديداً إستحقاق تأليف الحكومة المقبلة.

أبرز هذه التداعيات تمثّل في ثلاث نقاط، هي:

أولاً: تأجيل الوزير علي حسن خليل، بوصفه معاوناً سياسياً لرئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، جولته على القيادات والمرجعيات السياسية، بهدف إيجاد مخارج لتأليف الحكومة، بعد فرض الأميركيين العقوبات عليه، ما يعني أنّ هذه المساعي قد جُمّدت حتى إشعار آخر.

ثانياً: دفعت العقوبات الأميركية إلى إبداء الثنائي الشيعي، وتحديداً حركة أمل، تمسّكه بحقيبة وزارة المال في الحكومة المقبلة، في موقف متشدّد نسف كلّ الطروحات حول مداورة حقائب وزارية معينة في الحكومة المقبلة، وبالتالي جعل مساعي تأليف الحكومة تحتاج إلى من يستطيع تدوير الزوايا الحادّة التي تعترضها.

ثالثاً: يخشى مراقبون أن تدفع خطوة العقوبات الأميركية على خليل وفنيانوس إلى تشدّد فريق 8 آذار بما يخصّ مسألة تأليف الحكومة، وهو تشدّد بدأت بعض إشارات جس نبضه تلوح في الأفق، منها تسمية وزراء سياسيين من صقور هذا الفريق في الحكومة، أو إعادة تسمية خليل وفنيانوس بهدف ردّ الإعتبار لهما ولمرجعيتهما السياسية، في خطوة تحدٍ ستنسف مساعي تأليف الحكومة المقبلة ومعها المبادرة الفرنسية من أساسها.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal