العقوبات الأميركية.. دفع لتشكيل الحكومة أم شغب على المبادرة الفرنسية؟… غسان ريفي

لا يبدو أن عاصفة الغبار التي أحدثتها العقوبات الأميركية التي طالت وزيرين محسوبين على تيارين سياسيين أساسيين في لبنان هما ″حركة أمل″ و″تيار المرده″، ستنجلي آثارها بسرعة، وهي ربما يشكل إستمرارها أو إشتدادها حاجة لتمرير بعض المسائل الملحة سواء على صعيد تأليف الحكومة، أو على صعيد التموضع السياسي الذي يتناسب مع المستجدات.

تشير المعطيات الى أن العقوبات التي جاءت في ظروف دقيقة وفي توقيت أدق عشية تشكيل حكومة جديدة بمبادرة فرنسية يعتبرها كثيرون أنها “الخرطوشة الأخيرة” للانقاذ، قد يكون لها ثلاثة إحتمالات:

أولا: دعم المبادرة الفرنسية من خلال توجيه رسائل شديدة اللهجة الى كل التيارات السياسية المعنية بتشكيل الحكومة بأن التعطيل وفرض الشروط والشروط المضادة سيعرض أصحابهم لعقوبات، على غرار تلك التي طالت الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، الأمر الذي قد يؤدي الى تقليم أظافر البعض، ويعيد المعنيين الى التمسك بما أعلنوه خلال الاستشارات النيابية غير الملزمة من تعفف عن المطالب وزهد في الحقائب، خصوصا أن إيمانويل ماكرون هو رئيس دولة عظمى ومن غير المسموح لأي كان أن يعمل على تفشيل مبادرته الانقاذية التي تسير بحسب المعطيات برضى أميركي  ودعم أوروبي.

ثانيا: أن تكون العقوبات عبارة عن محاولات أميركية لـ”الشغب” على المبادرة الفرنسية، خصوصا بعد “الاستلطاف” الذي ظهر بوضوح بين حزب الله والرئيس ماكرون الذي لم يكن لديه أي حرج في ترحيل الأمور الخلافية المتعلقة بالانتخابات النيابية المبكرة والسلاح والاستراتيجية الدفاعية الى مرحلة لاحقة، وإعطاء الأولوية لانجاز الاصلاحات والتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وإعادة الاعمار، ومكافحة كورونا، وإنتزاعه موافقة قوى 8 آذار على الورقة الاصلاحية الفرنسية المرشحة لأن تكون بنودها من ضمن البيان الوزاري.

ثالثا: أن يكون لأميركا أجندة مختلفة تماما عن المبادرة الفرنسية، هدفها الاستمرار في إستهداف حزب الله وحلفاءه وتضييق الحصار عليهم، ما من شأنه أن يعيد خلط الأوراق ويؤدي الى تمسك كل طرف بمطالبه بما في ذلك إلغاء المداورة المطروحة في الحقائب الوزارية، وهذا الأمر من شأنه أن يصعب من مهمة الرئيس المكلف مصطفى أديب الذي قد يلجأ الى الاعتذار، وأن يفتح المجال أمام قوى 8 آذار لاعادة تجربة حكومة اللون الواحد برئيس من طراز حسان دياب كرد على التصعيد الأميركي بالرغم من الفشل الذريع الذي منيَت به، ما يعني ذهاب لبنان الى الهاوية أو الى الزوال بحسب ما حذر وزير خارجية فرنسا، أو الى الحرب الأهلية بحسب ما حذر الرئيس ماكرون.

لا شك في أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة، وستشهد كثيرا من شدّ الحبال، فالرئيس ماكرون ما يزال متمسكا بمبادرته ويتابع تفاصيلها عن كثب سعيا لانجاحها، والرئيس المكلف ما يزال عند موقفه في إسقاط المواصفات التي يراها مناسبة على أسماء الوزراء ورفع تشكيلته الحكومية الى رئيس الجمهورية رافعا سيف الاعتذار في وجه الجميع، وقوى 8 آذار تسعى للحفاظ على ماء وجهها بعد العقوبات الأميركية التي طالتها.

فهل تكون هذه العقوبات فرصة لتذليل العقبات وتعمل على “تحمية طلق” ولادة الحكومة لتبصر النور سريعا؟، أم أنها ستضع “العصي في الدواليب” وصولا الى إفشال المبادرة الفرنسية وإستدراج مزيد من الحصار والعقوبات على لبنان الذي لن يجد أبناءه عندها سوى البحر يركبون أمواجه للوصول الى الشواطئ الأوروبية هربا من  حرمان وفقر وذل وقهر يواجهونه بفعل سلطة حاكمة تتفنن في إهدار الفرص!.. 


مواضيع ذات صلة:

  1. جريمة كفتون.. أنقذت لبنان!.. غسان ريفي

  2. في كانون الأول المقبل.. لبنان يكون أو لا يكون!… غسان ريفي

  3. لغة العالم لا تفهمها السلطة.. والعهد يطلق النار على نفسه!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal