قوة الرئيس المكلف.. في خياراته!!… غسان ريفي

يصح باللبنانيين القول: عم ينفخوا ع اللبن لأن الحليب كاويهم”.. فمن عايش حكومة حسان دياب التي إرتدت قناع الكنوقراط وأخفت وراءه محاصصة سياسية، ومن تابع سلوك رئيسها الذي أضعف موقع الرئاسة الثالثة بشكل غير مسبوق نظرا لتمسكه به وتقديمه شتى أنواع التنازلات وقبوله بمصادرة الصلاحيات والدور للحفاظ على رئاسته التي أطاح بها الانفجار الهائل، من حقه أن يخشى إعادة هذه التجربة السيئة.

لذلك، فإن تعاطي اللبنانيين مع الرئيس المكلف مصطفى اديب، ما يزال حذرا، مع شيء من الارتياح، إنطلاقا من أن الرجل لم يتوان في الاستشارات النيابية غير الملزمة عن إبلاغ من يعنيهم الأمر بأنه “لم يأت ليلعب دورا سياسيا، بل أتى لتنفيذ مهمة إنقاذية فإما أن يصار الى تسهيل مهمته أو أنه سيتجه نحو الاستقالة”.

كلام أديب طمأن كثيرين ممن إعتبروا أنهم أمام رئيس من قماشة مختلفة قادر على قيادة عملية التشكيل، وأن إستقالته في حال التعطيل سيكون له تداعيات سلبية جدا على العهد الذي يعيش حالة من الانفصام السياسي، الى جانب عدد من التيارات التي “تقول ما لا تفعل”.

بعد إنفجار مرفأ بيروت الذي أطاح بحكومة اللون الواحد التي أثبتت فشلها، ودخول الفرنسيين على خط تشكيل الحكومة وصولا الى وضع الخطوط العريضة لمهماتها الانقاذية والاصلاحية لم يعد الظرف مناسبا لأي تيار سياسي أو يطلب تمثيلا أو يفرض وزيرا أو يعطل تشكيلة حتى تلبية مطالبه والوقوف على خاطره كما كان يحصل في تشكيل الحكومات السابقة، فالرئيس المكلف القادم من خارج النادي السياسي يريد حكومة فاعلة من وزراء إختصاصيين يشبهونه، ويشكلون معه فريق عمل منسجم قادر على وضع برنامج لتنفيذ البنود التي باتت معروفة وفي مقدمتها الاصلاحات.

اللافت أن بعض التيارات السياسية بدأت باللعب على الكلام، فاستبدلت المحاصصة الوزارية التي كانت تسعى إليها بعبارات منمقة على غرار “الحفاظ على التوازن”، و”مراعاة حسن التمثيل”، فيما أشارت معلومات الى أن السلطة تسعى الى إعادة تجربة حكومة حسان دياب مع شيئ من المراعاة للرئيس المكلف، وذلك من خلال إعطائه ثلاثة أسماء لكل حقيبة على أن يختار إسم منها، الأمر الذي قد يستدرج الدكتور أديب الى المربع الأول من المحاصصة والخلاف على الوزارات، فيما المطلوب اليوم حكومة حيادية ومستقلة من وزراء قد يكون لهم هوى سياسي لكنهم غير منتمين أو ملتزمين بأي تيار أو حزب.

لا يختلف إثنان على أن أكثرية اللبنانيين تدغدغ مشاعرهم إمكانية تشكيل حكومة مستقلة تعمل على الانقاذ والاصلاح، وتتم محاسبتها في مجلس النواب الذي سيكون مستقلا عنها، ما يفسح المجال أمام ممارسة الحياة الديمقراطية التي تتمثل بسلطة تنفيذية تحكم ومجلس نواب يحاسب، لذلك فإن تمسك الرئيس المكلف مصطفى أديب بخياراته على صعيد الحكومة المصغرة من الاختصاصيين والمستقلين قد يجعله أقوى من كل التيارات التي لم تعد تحظى بأية ثقة شعبية، وأقرب الى ثورة 17 تشرين والى تطلعات اللبنانيين.

من الواضح أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا يمزح، وأن عودته في مطلع كانون الأول المقبل قد يكون لها تداعيات كارثية على صعيد فرض العقوبات على المسؤولين السياسيين والتي ظهرت بوادرها بقيام البنك الدولي بالغاء تمويل سد بسري، إضافة الى إلغاء مشروع معمل سلعاتا، وهما مشروعان يدعمهما العهد كرمى لعيون التيار الوطني الحر. كما أن الرئيس المكلف سيكون أقوى طالما هو متمسك بخياراته التي تتلاقى مع تطلعات اللبنانين، وهي إما القبول بحكومة مستقلة قلبا وقالبا، أو قبول إستقالته.


مواضيع ذات صلة:

  1. جريمة كفتون.. أنقذت لبنان!.. غسان ريفي

  2. في كانون الأول المقبل.. لبنان يكون أو لا يكون!… غسان ريفي

  3. لغة العالم لا تفهمها السلطة.. والعهد يطلق النار على نفسه!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal