لغة العالم لا تفهمها السلطة.. والعهد يطلق النار على نفسه!… غسان ريفي

يكاد العالم على إختلاف أعراقه وألوانه وتوجهاته وإنتماءاته يتحدث بلغة واحدة مع لبنان قوامها تنفيذ الاصلاحات ومكافحة الفساد والتأكيد على ربط المساعدات المالية التي يمكن أن يقدمها المجتمع الدولي إليه بتطبيقها، حيث لم يأت رئيس دولة أو نائب رئيس أو رئيس حكومة أو وزير أو حتى موفد منذ كارثة إنفجار4 آب في مرفأ بيروت الى لبنان إلا وطلب ذلك من السلطة الحاكمة التي يبدو أنها لم تفهم على هذه الدول، كونها ما تزال تعتمد لغة من خارج الزمان والمكان لا يفهمها إلا المحيطين بها والمستفيدين منها.

لم يعد يختلف إثنان على أن العهد يُمعن في إطلاق النار على قدميه، ويتفنن في كيفية تفشيل نفسه، ويدفع اللبنانيين الى اليأس والى التفتيش عن هجرة دائمة أو مؤقتة لحين الانتهاء منه ومن هذه الأزمات التي تتوالد بفعل سلوك سياسي لا يمت الى المسؤولية بصلة.

العالم كله يطالب بالاصلاحات، ورئيس الجمهورية يذهب الى إتهام التيارات السياسية بالفساد والى تبرئة عائلته منه، مبديا إستعداده لمحاسبة كل من يثبت التحقيق أنه متورط من العائلة، متناسيا أن التيار الذي كان يرأسه وخَلفه فيه صهره جبران باسيل يتحكم بالسلطة منذ 15 عاما، ويتسلم أهم وأبرز الوزارات، وتهم الفساد تنهال عليه من كل حدب وصوب وتحمله مسؤولية نصف الدين العام الذي تسبب به الفشل في إدارة ملف الكهرباء.

العالم كله يطالب بحكومة تحظى بثقة اللبنانيين وتكون قادرة على الانقاذ والنأي بلبنان عن توترات المنطقة، وعلى إستعادة ثقة المجتمع الدولي ليساعد على حل الأزمات الاقتصادية والمالية المتراكمة، ورئيس الجمهورية يسجن الاستشارات النيابية الملزمة الى أجل غير مسمى، بانتظار التوافق على حكومة على قياس تيارات سياسية معينة، من دون الأخذ بالاعتبار ثورة 17 تشرين والانقلاب الذي حققته، أو تداعيات إنفجار 4 آب الذي من المفترض أن يسرّع عملية التشكيل للبدء في إعمار ما تهدم من بيروت، لكن يبدو أن الزمن لدى السلطة توقف عند ما قبل إنطلاق الثورة بفعل الانكار الذي تعيشه ويجعلها غارقة في كيفية الحفاظ على وجودها من خلال حكومة محاصصة سياسية أثبتت فشلها أكثر من مرة.

العالم كله يدعو الى تجنيب لبنان التوترات الأمنية التي تؤدي الى مزيد من الأزمات ومن عزل لبنان عن محيطه، في وقت تنتقل فيه الاشكالات والاشتباكات من منطقة الى أخرى نتيجة الأزمة السياسية والسلاح المتفلت والأغطية التي تضعها التيارات على الخارجين عن القانون، ما يضعف هيبة القوى الأمنية التي “تفش خلقها” بالمتظاهرين في ساحة الشهداء، بينما تنتظر الغطاء السياسي لتتدخل عند كل إشكال، ما يجعل البلاد على كف عفريت، ويحول العباد الى رهينة لأمزجة المسلحين.

العالم كله يدعو الى إحترام التوازنات التي تؤمن الاستقرار، والى الحفاظ على إتفاق الطائف الذي أوقف الحرب الأهلية وأعاد الانتظام العام الى لبنان، فيما العهد وسلطته الحاكمة يسعيان الى ضربه وخرقه تارة بمصادرة صلاحيات رئاسة الحكومة وتارة أخرى بتعطيل دور مجلس النواب، وطورا بفرض أعراف جديدة لا تمت الى الدستور أو الى الطائف بصلة.

كل ذلك يؤكد أن الفشل السياسي والاقتصادي والمالي والأمني الذي يعيشه لبنان مرده الى سلوك السلطة الحاكمة التي تعيش في كوكب آخر فلا تسمع ولا ترى وتتكلم في كل مرة من وجهة نظر واحدة منفصلة عن الواقع وبعيدة عن المنطق ما يهدد الشارع اللبناني بالانفجار.


مواضيع ذات صلة:

  1. الآية السياسية إنقلبت.. الحريري مرشح قوى 8 آذار!… غسان ريفي

  2. حسان دياب لعب بالنار فأحرق أصابعه.. هكذا تم إسقاط الحكومة!… غسان ريفي

  3. أوقفوا الموت المجاني في طرابلس!!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal