الحريري ينسحب وسيناريوهات التكليف متشعبة!… عبد الكافي الصمد

كرّر الرئيس سعد الحريري، أمس، سيناريو ابتعاده عن رئاسة الحكومة الذي عاشه اللبنانيون أواخر العام الماضي، ومهّد الطريق أمام مجيء الرئيس حسّان دياب لتأليف الحكومة، من خارج النّادي السّياسي ككل، بالرغم من مشاركته في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2011، والتي اعتبرت مشاركة على أساس كونه ينتمي إلى التكنوقراط لا الى الطبقة السّياسية.

ففي 26 تشرين الثاني عام 2019، أعلن الحريري الذي استقالت حكومته بعد أيام من حراك 17 تشرين الأول من العام ذاته، إعتذاره عن تأليف الحكومة بعدما كان التوجّه السائد يقول إنه سيعاد تكليفه مجدّداً، وأطلق يومها عبارته الشهيرة “ليس أنا، بل أحد آخر”.

إعتذار الحريري حينها جاء بعدما تأكّد أن القوّات اللبنانية، وهو حزب حليف مفترض له، لن تسميه في استشارات التكليف بإيعاز سعودي، ما جعل الحريري يفهم أن الرياض ليست راغبة بعودته إلى رئاسة الحكومة فأعلن تنحيه، لأنه يعرف أنه بلا غطاء سعودي له لا يمكنه العودة للسرايا الحكومي مرّة ثانية، كما أنه غير راغب ولا قادر على مخالفة الداعم الرئيسي له.

طوال تلك الفترة التي تسلم بها دياب رئاسة الحكومة لم يكتم الحريري، مباشرة أو مواربة، طموحه ورغبته بالعودة لرئاسة الحكومة، وهي رغبة تبدّت بشكل واضح بعد استقالة حكومة دياب في 10 آب الجاري، إذ وجد فيها فرصة لإعادة “الإعتبار” السياسي له ولتياره السياسي، ما دفعه للإعلان أنه لا يمانع بالعودة للرئاسة الثالثة مجدّداً، إنّما بشروطه.

لكن الحريري يبدو أنه أوقع نفسه في المأزق نفسه مجدّداً، إذ أنه لم يستشر مرجعيته السياسية وهي المملكة العربية السعودية، المأزومة علاقته معها منذ “اعتقاله” قسرياً فيها لمدة 14 يوماً عام 2017،  قبل الإعلان عن رغبته بتكليفه تأليف الحكومة المقبلة، إذ قبل أن يجف حبر مواقفه تلقى “صفعة” سياسية مشابهة لصفعة 26 تشرين الثاني الفائت، بعدما أعلنت القوات اللبنانية ومعها الحزب التقدمي الإشتراكي أنهما لن يسميا الحريري في استشارات التكليف، وبإيعاز سعودي ليس خافياً هذه المرّة أيضاً، ما دفع الحريري الذي “فهم” الرسالة السعودية الموجّهة إليه بالإعلان، يوم أمس، أنّه “غير مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة”، متمنياً “من الجميع سحب إسمي من التداول في هذا الصدد”.

إنسحاب الحريري على هذا النحو من السباق نحو السرايا الحكومي، يعني أيضاً إنسحابه من المشاركة أو التأثير في تسمية الرئيس الجديد المكلف، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات شتى، تبدأ من تكليف أحد رؤساء الحكومات السابقين، أو تكليف شخصية جديدة من خارج النادي السياسي أو من داخله تدخل بذلك نادي رؤساء الحكومات، لإدارة الأزمة لا حلّها وملء الوقت الضائع، أو إعادة تسمية حسّان ديّاب مجدّداً مع ما يعني ذلك من استمرار الأزمة السياسية على حالها، أو استفحالها أكثر، أو التأخير في استشارات التكليف أو تكليف شخصية لا تستطيع تأليف الحكومة، ما يجعل لبنان يعاني فراغاً على رأس السلطة التنفيذية، يرجح البعض أن يستمر حتى مطلع العام المقبل، على أقل تقدير إلى حين أن تأتي التسوية الدولية والإقليمية بمخرج للأزمة.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal