التكليف والتأليف في ″الدُوَيّخة″ السياسية.. بانتظار الضوء الاخضر!… غسان ريفي

لم يعد في الهيكل السياسي اللبناني حجرا على حجر، بعدما صدّعته المصالح الشخصية للتيارات والأحزاب، ودمرته الالتزامات الخارجية التي ضربت كل التحالفات والثنائيات ورفعت المتاريس بين الأفرقاء المختلفين على كل شي وصولا الى التكليف والتأليف.

هذا الواقع، يجعل الاستشارات النيابية الملزمة بعيدة المنال، والحكومة المقبلة في خبر كان، في وقت لا يقيم فيه أي من المسؤولين وزنا لمعاناة اللبنانيين بعد إنفجار 4 آب، ولحاجة البلد الى الانقاذ خصوصا مع إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن قدرته المالية على دعم المواد الأساسية قد تراجعت بشكل كبير.

ما يحصل في لبنان اليوم أشبه بـ “الدُوَيّخة”، المتاريس مرفوعة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ومواقع التواصل تشتعل بالقدح والذم على مستوى النواب والقيادات، لكن الفريقين يجتمعان على رفض تسمية سعد الحريري لرئاسة الحكومة.  

الفتنة تسربت الى الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) اللذين رفع أنصارهما السلاح الحربي على بعضهما البعض في البقاع وأطلقا الشتائم بحق رموزهما بعدما أدت إشتباكات في بلدة اللوبية الى سقوط قتيل من حركة أمل.

عقد 14 آذار إنفرط بالكامل، بعدما تخلى كل من القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي عن تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري وصولا الى رفض تسميته لرئاسة الحكومة إلتزاما بتوجيهات بعض الدول التي ما تزال غير مقتنعة بالحريري.

الحزب التقدمي الاشتراكي يتناغم مع القوات اللبنانية في رفض الحريري، ويفترق عنها الى حدود الخصومة في كل الأمور السياسية الأخرى.

الثنائي الشيعي يرغبان بأن تُعقد رئاسة الحكومة الى الحريري العائد من المحكمة الدولية التي أدانت عنصرا من حزب الله في إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

هذا في السياسة.. أما على صعيد التكليف والتأليف فحدث ولا حرج.

التيارات السياسية تطالب رئيس الجمهورية ميشال عون بتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، لكنها في الوقت نفسه لا تمتلك إسما للتكليف.

ورئيس الجمهورية يوحي برغبة في إجراء الاستشارات ولا يبدي إعتراضا على سعد الحريري، لكنه في الوقت نفسه يطلب ممن يعنيهم الأمر إستمزاج رأي جبران باسيل حرصا منه على إرضائه.

باسيل يتناغم مع مساعي الرئيس نبيه بري لايصال الحريري الى السراي، لكنه يرفض تسميته إنطلاقا من ثأر شخصي وإحياء للمعادلة السابقة إما نكون معا في الحكومة أو نكون معا خارجها، فضلا عن سعي باسيل الى وضع يده على الحكومة من دون أن يكون مسؤولا عما تقوم به أو تتخذه من قرارات، أي أن يكون “شريكا بالغنم وبعيدا عن الغرم”.

الثنائي الشيعي يختلف مع الحريري سياسيا ويسعى بكل قوة لتسميته، وجعجع وجنبلاط يتناغمان مع الحريري سياسيا ويرفضان تسميته، ويختلفان في الوقت نفسه على شكل الحكومة، فيما الحريري يتعامل مع تكيلفه وفق قاعدة: “بدي منو وتفو عليه”، وهو بات على يقين بأن ما يرغب به مرفوض من الدول المعنية بالملف اللبناني، وما تريده هذه الدول غير مرغوب به من بعض التيارات ذات السطوة السياسية في البلاد.

يبدو واضحا أن ما يشهده لبنان من تخبط يشكل صدى لمواقف عربية ودولية، الأمر الذي لمسه الرئيس نبيه بري فأعلن عن دخوله في استراحة بانتظار ما سيقدمه الآخرون على صعيد التكليف، في حين تدخل التيارات السياسية في مرحلة شراء الوقت وإلهاء اللبنانيين بتسريبات وخلافات وشتائم على مواقع التواصل الاجتماعي، بانتظار الاشارة الخضراء أو كلمة السر التي سيرسلها الخارج.


مواضيع ذات صلة:

  1. الآية السياسية إنقلبت.. الحريري مرشح قوى 8 آذار!… غسان ريفي

  2. حسان دياب لعب بالنار فأحرق أصابعه.. هكذا تم إسقاط الحكومة!… غسان ريفي

  3. أوقفوا الموت المجاني في طرابلس!!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal