المحكمة ترفع السيف المسلط على رقبة حزب الله.. ماذا عن سيف مرفأ بيروت؟… غسان ريفي

أكثر المتفائلين تجاه حكم المحكمة الدولية في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لم يكن يتوقع أن يُدين شخصا واحدا من مجموعة مؤلفة من خمسة متهمين تمت تبرئة ثلاثة منهم وأسقطت الملاحقات عن الرابع بسبب وفاته.

الحكم الذي كان يعتقد كثيرون أنه سيُدين المتهمين الخمسة مع قيادة حزب الله، وإتُخذت لأجله تدابير أمنية إستثنائية بطلب من الرئيس سعد الحريري لمنع أية ردات فعل خصوصا من جمهور تيار المستقبل، قلب الأمور رأسا على عقب، فأحبط الجمهور الأزرق الذي أربك وخانه التعبير، وأفرح جمهور حزب الله بعدما أكدت المحكمة على لسان رئيسها أنها لا تملك أدلة على تورطه وتورط سوريا بجريمة الاغتيال.

يبدو أن قرار المحكمة أراد أن يطوي مرحلة ما بعد إغتيال رفيق الحريري وما رافقها، لتُفتح تلقائيا مرحلة ما بعد إنفجار مرفأ بيروت، وكأن مكتوب على لبنان أن يبقى معلقا على صليب الانفجارات الزلزالية بقوتها التدميرية وإنعكاساتها السياسية والأمنية والاقتصادية، وإذا كان سيف الحريري المسلط منذ 14 شباط 2005 على رقبة حزب الله قد رُفع أمس بقرار من المحكمة، فإن سيف مرفأ بيروت قد حل مكانه سريعا ليستمر الضغط السياسي، بإنتظار ما ستؤول إليه المفاوضات على المستويين الدولي والاقليمي وإنعكاسها على لبنان.

كان من المتوقع أن يعزز قرار المحكمة الدولية من إنقسام اللبنانيين بين فريقي 8 و14 آذار، لكن حيثياته الصادمة أحدثت إنقسامات ضمن الفريق الواحد حيث تنوعت الآراء وإختلفت التحليلات.

ففي بيئة حزب الله عبر البعض عن فرحته بتبرئة ساحته من جريمة العصر، فيما تعاطى آخرون بلا مبالاة إنطلاقا من قرار السيد حسن نصرالله بأن هذه المحكمة لا تعنينا  لا من قريب ولا من بعيد.

وفي بيئة تيار المستقبل فإن القيادات والكوادر إلتزموا بالسقف الذي رسمه الرئيس سعد الحريري لجهة التأكيد على تحقيق العدالة وإنتهاء زمن إرتكاب الجريمة السياسية من دون عقاب، وأن المحكمة أثبتت أنها غير مسيسة ولديها مصداقية اولا بإدانتها لشخص من أصل خمسة متهمين، وثانيا لأنها لم ترد أن تدين أي جهة ما لم تملك الدليل عليها، مشددين على أن التركيز من الآن وصاعدا سيكون على تسليم القاتل الذي أدانته المحكمة دون سواه.

لكن ما يسري على القيادات والكوادر لا ينسحب على الجمهور الأزرق الذي عبر عن إحباط كبير من حيثيات الحكم الذي كان يتوقع أن يدين منظومة بكاملها حرضت وخططت ونفذت جريمة الاغتيال، فوجد كثيرون أن ما بنوه على مدار عشر سنوات من إتهامات قد إنهار في لحظات، وإنحصرت مسؤولية الجريمة بعنصر واحد من حزب الله.

أما في البيئة اللبنانية من خارج المستقبل و8 آذار، فقد عمّ الغضب مما إعتبره كثيرون “ضحك على الذقون”، لافتين الانتباه الى أكثر من عشر سنوات من الاتهامات والتوترات والانعكاسات السلبية على البلاد بطولها وعرضها فضلا عن دفع مليار دولار من جيوب اللبنانيين لنصل في النهاية الى إدانة سليم عياش الذي خطط ونفذ بمفرده، مؤكدين أن ما صدر عن المحكمة ناتج عن تسوية من المفترض أن تظهر نتائجها قريبا من إعادة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة الى تقديم حزب الله لتنازلات سياسية أو ربما أمور أخرى قد تتكشف لاحقا.

في حين إنتقد آخرون السلوك السياسي الذي إتبع منذ إنشاء المحكمة الدولية من صراعات وتوترات وجولات عنف وأعمال تخريب وقتل وتظاهرات ومواجهات وقطع طرقات وغضب شعبي من كل الفئات على خلفية جريمة الاغتيال، ليتضح فيما بعد أن حزب الله بريء وكذلك سوريا وأن المدان هو شخص محسوب على الحزب الذي لم تصل المحكمة الى دليل بأنه متورط بتكليفه، مطالبين بمحاكمة كل من إستبق قرار المحكمة وأصدر الأحكام وإستغلها سياسيا وإنتخابيا وغرائزيا وحرّك الشارع وأضرّ بمصالح البلاد والعباد. 


مواضيع ذات صلة:

  1. الآية السياسية إنقلبت.. الحريري مرشح قوى 8 آذار!… غسان ريفي

  2. حسان دياب لعب بالنار فأحرق أصابعه.. هكذا تم إسقاط الحكومة!… غسان ريفي

  3. أوقفوا الموت المجاني في طرابلس!!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal