باسيل يخاطب تياره المثقل بالأزمات.. ″كلهم علينا″!… غسان ريفي

في الوقت الذي ما تزال فيه بيروت وأهلها وسكانها تحت وقع صدمة التفجير الزلزالي الذي ضرب مرفئها فقتل ودمر وهدم، كان اللبنانيون الغاضبون على السلطة السياسية والمطالبون برحيلها، على موعد مع إطلالتين تلفزيونيتين، الأولى لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع إحدى القنوات الفرنسية، والثانية لصهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

الاطلالة الرئاسية كان فيها تنصل واضح من كل المسؤوليات تحت عنوان “لم أكن أعلم”، فضلا عن محاولته توجيه التحقيق باتجاهات معينة، إضافة الى قيام رئيس الجمهورية بإبلاغ اللبنانيين ومن يعنهيم الأمر بأنه باق على كرسيه ولن يستقيل، إنطلاقا من حرصه على عدم حصول فراغ في السلطة التي شهدت سنتين ونصف السنة من الفراغ بانتظار التوافق على إنتخابه وكان الوضع في البلاد أفضل بكثير سياسيا وإقتصاديا وماليا وأمنيا وسياحيا.

كما حرص الرئيس عون على تذكير اللبنانيين بأنه “بيّ الكل” و”إبن هذا الشعب” الذي لا يتخلى عنه، ما دفع كثير من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الى التأكيد بأن “الفراغ الحقيقي جسدته هذه السلطة برئاسته بعدم تحريكها أي ساكن تجاه قنبلة نووية موقوتة إنفجرت ودمرت العاصمة وقتلت وأصابت أهلها الذين تخلوا عن “الأبوة الرئاسية” التي لم تحمهم وتتحمل كامل المسؤولية عما حصل، وكفروا بالرئاسات والاحزاب والتيارات السياسية.

أما إطلالة جبران باسيل، فأوحى من خلالها بأنه “رئيس التيار الأفلاطوني الفاضل” الذي يعمل لمصلحة بيئة حقودة، جحودة، ناكرة للجميل كلما أعطاها إستهدفته، وكلما أنجز لها إنقلبت عليه، وكلما دافع عنها إتهمته بالفساد والسمسرات، ما دفعه الى إتخاذ قرار بمحاسبتها وتوبيخها.

من الواضح أن باسيل لم يكن يتحدث الى اللبنانيين بهدف إقناعهم أو إستثارة عواطفهم، فاللبنانيون نزعوا عن باسيل الشرعية منذ إنطلاق ثورة 17 تشرين، وإقتلعوه تدريجيا من خارطتهم السياسية، ولعل حرص المبعوث الأميركي ديفيد هيل على عدم اللقاء به بالرغم من الزيارات العديدة التي قام بها، هو ترجمة عملية لتوجه اللبنانيين.

أراد باسيل أن يشدّ عصب وعضد تياره وأنصاره الذين أثقلتهم الأزمات، بدءا من أزمة العهد الذي فشل في إدارة البلاد، مرورا بأزمة رئيس تيارهم الذي يتخبط سياسيا ويغرد وحيدا، وصولا الى التيار المنقسم على نفسه والذي يواجه إنشقاقات وإستقالات تأتي إحتجاجا على آداء رئيسه الذي يتوافق كثيرون على أنه لم يترك له صاحبا.

لذلك، فقد بدا باسيل وكأنه يتحدث في كوكب آخر، ففي الوقت الذي يحتاج فيه اللبنانيون الى إغاثة عاجلة تنقذهم من التداعيات الكارثية للانفجار، كان يفتش عن إغاثة شعبيه تعيد تعويمه وتحفظ ماء وجهه أمام تياره من خلال الاعلان بأنه مستهدف سياسيا، متناسيا أن الشعب اللبناني برمته مستهدف في سلامته وصحته ومنازله وإقتصاده وماله وتفاصيل حياته اليومية.

كما حاول باسيل أن يمسح الدماء ويعالج الدمار ويتعاطى مع كل الأزمات بتبويس اللحى، والتنظير والتأكيد على زهده بالسلطة، والتحرر من الوزراة، والتنصل من فشل حكومة حسان دياب، وإقناع تياره بأنهم “كلهم علينا”، ثم ناقض نفسه بوعد اللبنانيين مجددا بتغذية كهرباء 24 /24 ساعة، ويتقديم نفسه وصيا على الادارة السياسية للبلاد.

أسوأ ما جاء في إطلالة جبران كان تهديده اللبنانيين بأن “لا تجرونا الى مكان لا نريده”، وقد بدا ذلك إنعكاسا أو إستقواء بالتهديد الذي أطلقه السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة عندما طلب من بيئة المقاومة أن “تحافظ على غضبها لأننا قد نحتاجه في الأيام المقبلة”، لكن ربما فات باسيل وغيره أن لم يعد لدى اللبنانيين ما يخسروه بعد اليوم، وأن من يواجه إنفجار مئات أطنان نيترات الأمونيوم، لم يعد يأبه بسائر أنواع الأسلحة.


مواضيع ذات صلة:

  1. الآية السياسية إنقلبت.. الحريري مرشح قوى 8 آذار!… غسان ريفي

  2. حسان دياب لعب بالنار فأحرق أصابعه.. هكذا تم إسقاط الحكومة!… غسان ريفي

  3. أوقفوا الموت المجاني في طرابلس!!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal