لبنان في دوامة.. كلٌ يغني على حكومته!… غسان ريفي

جمع لبنان أميركا وإيران في زيارة بتوقيت واحد، قام بها المبعوث الدبلوماسي ديفيد هيل ووزير الخارجية محمد جواد ظريف اللذين تنقلا بين المقار الرئاسية حاملا كل منهما وجهة نظر سياسية محددة، أدخلت لبنان في دوامة زاد من تعقيداتها ليل أمس الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي شكل موقفه صدى لكلام ظريف، حيث أعلن صراحة بأن ″الحكومة الحيادية هي مضيعة للوقت كونه لا يوجد حياديين في لبنان لنشكل منهم حكومة″، مشددا على ″تشكيل حكومة وحدة وطنية″ وذلك في إشارة واضحة لموقف الثنائي الشيعي الراغب بتسمية الرئيس سعد الحريري، مرفقا كلامه بتهديد مبطن عندما طلب من مناصريه الحفاظ على غضبهم لأننا قد نحتاجه، ما إعتبرته مصادر سياسية أنه إشارة الى 7 أيار جديد.

بدا واضحا، أن كل من المعنيين بالشأن اللبناني سواء من داخل الحدود أو من خارجها يُغني على حكومته، فالأميركي دايفيد هيل ومنذ أن وطأت قدماه أرض لبنان تجاوز الدولة ومؤسساتها وأعلن أن محققين من مكتب التحقيقات الفيدرالي سيشارك في التحقيقات حول إنفجار مرفأ بيروت، ليُحرج بذلك الرئيس ميشال عون الذي اعلن موافقته على هذه المشاركة ربما خجلا ولكي لا يثير حفيظة الأميركيين فيما لاذ المدافعون عن السيادة والاستقلال بالصمت.

حدد دايفيد هيل مواصفات الحكومة ووظيفتها بأن تكون حيادية تقوم بمهام محددة أبرزها: إعادة إعمار بيروت، والقيام بالاصلاحات المالية والاقتصادية، ومكافحة الفساد، على أن تعكس إرادة الشعب اللبناني بغض النظر عن رئيسها، فضلا عن تأكيدات أميركية أن “زمن الحكومات الأول قد تحول” وأن ما بعد 4 آب ليس كما قبله.

يبدو أن الرغبة الأميركية قد فرضت نفسها على طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أشارت مصادر مقربة منه أنه لم يدع الى تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإنما الى حكومة إجماع وطني قادرة على تلبية تطلعات اللبنانيين وتقوم بالمهام المطلوبة دوليا إضافة الى إجراء إنتخابات نيابية مبكرة.

تشير المعطيات الى أن حزب الله كان مرتاحا للحركة الفرنسية التي كانت تنسق مع طهران برضى أميركي، لكن يبدو أن تعقيدات خارجية وداخلية طرأت وعطلت هذا التنسيق، فكان الموقف الايراني عبر الوزير ظريف الذي أكد دعم طهران للبنان ومساعدته على صعيد الأدوية والطاقة وغير ذلك، رافضا كل التدخلات الأجنبية خصوصا أن “لدى اللبنانيين كل المؤهلات لاتخاذ القرارات المصيرية وليس أي أحد آخر”، ليكمل السيد نصرالله ما بدأه ظريف برفض مطلق للحكومة الحيادية الأمر الذي قد يعيد الأمور الى المربع الأول.

في غضون ذلك وعلى الصعيد الداخلي فإن كل من القوى اللبنانية تسعى الى تشكيل حكومة على قياسها، من دون أن تأخذ في الاعتبار آلام اللبنانيين وتداعيات الانفجار الكارثية التي تتطلب كل أنواع التضحيات والايثار والتخلي عن المصالح والمكاسب لتشكيل حكومة إنقاذ تستطيع أن تمنع لبنان من الغرق.

وكما هي العادة فإن التدخلات الأجنبية تؤدي بشكل فوري الى إنقسام عامودي في لبنان، غالبا ما يؤدي الى ما لا يحمد عقباه الى أن يلجأ المتخاصمون الى طاولة حوار لدراسة الحل.

قوى 14 آذار ورأس حربتها القوات اللبنانية تتبنى الطرح الأميركي ـ الفرنسي من دون الموافقة على تسمية الحريري، والحزب التقدمي الاشتراكي يتريث في التسميات الى أن تتضح الصورة السياسية، والثنائي الشيعي يريد حكومة وحدة وطنية برئاسة الحريري الذي يتحصن بهذه الارادة ويضع شروطا يصفها البعض بالتعجيزية للتيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل الذي يعتمد منطق النكاية ويسعى الى أن يكون شريكا مضاربا على الحريري في الحكومة، في حين أن رئيس الجمهورية لا يخفي رغبته بتشكيل حكومة أقطاب بما يضمن توزير باسيل، ولتحميل المسؤوليات الى كل القوى السياسية من دون إستثناء.

يبدو واضحا أن لبنان ونتيجة المواقف المتناقضة خارجيا وداخليا، مرشح نحو مزيد من الدوران في الحلقة المفرغة، الأمر الذي يضعه على مفترق طرق، فإما التوافق على ما أمكن من القواسم المشتركة لانتاج حكومة أفضل الممكن، أو الفوضى التي قد تتحول الى توترات أمنية أو الى حرب في ظل وجود البوارج الغربية في المياه الاقليمية اللبنانية، وتهديدات السيد نصرالله، وغضب اللبنانيين على العهد وعلى كامل السلطة الحاكمة.


مواضيع ذات صلة:

  1. الآية السياسية إنقلبت.. الحريري مرشح قوى 8 آذار!… غسان ريفي

  2. حسان دياب لعب بالنار فأحرق أصابعه.. هكذا تم إسقاط الحكومة!… غسان ريفي

  3. أوقفوا الموت المجاني في طرابلس!!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal