رئيس جامعة العزم رامز معلوف: العام الاكاديمي المقبل ينذر برمال متحركة يرزح تحت وطأتها اللبنانيون

خاص – سفير الشمال

في خضم الأزمات الكارثية التي يمر بها البلد على كافة المستويات المالية، الإقتصادية، الصحية، التربوية وآخرها فجيعة الإنفجار في مرفأ بيروت، جاءت استقالة الحكومة اللبنانية، لتزيد عبء أزمة أثقلت كاهل طلاب لبنان وأهاليهم خلال العام الدراسي الماضي، بحيث توقفت الدراسة فترات عدة نتيجة الإحتجاجات الشعبية في الشارع، و من ثم جائحة كورونا.

جاء ذلك في حديث مع الدكتور معلوف للوقوقف على واقع مؤسسات التعليم العالي في الظروف الراهنة، خصوصا أن مهمة وزارة التربية والتعليم العالي باتت أصعب من أي وقت مضى ،فهناك اليوم حاجة ملحة لاستقطاب ورعاية الطلاب والنهوض بمؤسسات التعليم…

سئل : لم تتدخل وزارة التربية في المرحلة الأولى من الأزمة المصاحبة لاحتجاحات 17 تشرين الأول ، لكنها وجدت نفسها ملزمة بهذا التدخل مع جائحة كورونا.. كيف تقيمون الدور الذي انتهجته وزارة التربية اثناء هذ الأزمات؟

اجاب: بدايةً نتوجه بالشكر للدكتور طارق مجذوب على قرار وجوب إقفال كافة المؤسّسات التربويّة لمجابهة وباء كوفيد١٩، ولم تقتصر الاجراءات الاحترازية على ذلك فقط، بل حرص على متابعة تدريس المناهج وفق آلية التعلم عن بعد، ونحن على يقين من أنّ اللبنانيّين كافّةً يقدّرون هذا الأمر، وممّا لا شك فيه أنّ قرار التركيز على هذه المسألة في هذه الفترة العصيبة كان الإجراء الصائب الذي يجب اتخاذه… غير أنّ العمل الإداري ضمن الوزارة عانى و ما زال يعاني من شللٍ فعليٍّ، فباتت الأعمال معلقة مع غياب العنصرالبشري المتخصص القادر على ترجمة عملية للتخطيط والتطوير على المدى القصير وخاصة في ظل الأوضاع الإستثنائية المستجدة.

سئل: هل هذا الواقع ينطبق على جامعة العزم؟ و على من تقع المسؤؤلية الفعلية؟

اجاب: خلال السّنتين الماضيتين، كانت لأغلب الجامعات، ومن ضمنها مؤسستنا، ملفّات قيد الدراسة في وزارة التربية، ولكن، لغاية الآن، لم تُتَّخذ الإجراءات وفق ما يقتضيه القانون المرعيّ التنفيذ… سيل من الوعود أطلقها المعنيّون للبتّ بالملفّات ، لكنَّها ظلَّت محض وعودٍ ولم يتمّ ترجمة ذلك على أرض الواقع، وأعتقد أنّ المشكلة تكمن في هيكليّة الإجراءات المتّبعة في الوزارة مما تسبب بإعاقة عمل مؤسسات التعليم العالي.

سئل: ما هي الحلول التي ترونها مناسبة لتغيير هذا الواقع الذي جعل المؤسسات عقيمة؟

اجاب: وِفقًا لتصنيف المجلّة البريطانيّة/ تايمز، فإنّ ١٨من بين ٢٥ جامعة من أفضل جامعات العالم تتمركز في الولايات المتّحدة الأمريكيَّة. وهذا البلد يحتلُّ موقع الريادة في العالم فيما يختصّ بالتعليم العالي، وهناك لا تتدخَّل وزارة التربية في تقييم البرامج الجامعيّة أو تقديرها بأيِّ شكلٍ من الأشكال… تحوز الجامعات الأمريكيّة على الاحترام من سوق العمل، من خلال قوّة برامجها الذاتيّة، من دون الحاجة إلى ختم مصادقةٍ يأتيها بموجب الوكالة الحكوميّة. وبالمقابل تسعى هذه الجامعات إلى الحصول على الإعتماد من وكالات غير حكوميّة معترفٍ بها على المستوى الوطنيّ والدولي. أمّا في لبنان، فثمَّة ثلاث جامعات فقط تظهر ضمن لائحة تتضمّن ١٤٠٠ مؤسّسة تعليمٍ عالٍ، وذلك وفقًا للتصنيف الخاصّ بصحيفة تايمز الانكليزية، وتأتي على النحو الآتي: الجامعة الأمريكيّة في بيروت، والجامعة اللبنانيّة الأمريكيّة، وجامعة القدّيس يوسف. هذه المؤسّسات الثلاث ،إضافة الى عدد محدود من الجامعات الخاصة، تتمتّع باعترافٍ دوليٍّ، إضافةً إلى الاعتراف المؤسّساتيّ، واعتماد البرامج.

المفارقة في الموضوع أنّه لم يتسبّب إشراف الوزارة، أو وصايتها عليها، بإيصالها إلى المستوى الذي بلغته. بل يمكننا القول، ومن خلال الأرقام والمعطيات الحيثيّة، إنَّه لا فضل لإشراف وزارة التربية والتعليم العالي على أيٍّ من الجامعات التي تحظى بتقدير عالٍ في لبنان.

هذه الجامعات وصلت إلى ما هي عليه بفضل التزامها الخاصّ، وتفانيها في أداء مَهمّتها. وفي الجهة المقابلة، نجد عددًا كبيرًا من الجامعات في لبنان، والتي تتمتَّع ببرامجَ معتمدةٍ حسب الأصول من وزارة التربية، لا يمكنها وبكل أسف تجاوز اختبار الاعتماد الدوليّ!. وهنا أرفع الصوت للإفراج عن مشاريع قوانين أخرى مثل ضمان جودة التعليم العالي الجامعيّ وتغيير هيكلة مديريّة التعليم العالي و أثني على أهمية الشراكة المتكافئة والعلاقة الندية بين الجامعات ووزارة التربية… فعلى الوزارة تشجيع كلّ الجامعات في لبنان على السَّعي للحصول على الاعتماد الدوليّ بهدف رفع عبء اعتماد البرامج الجامعيّة عن كاهل الوزارة بالكامل وترك هذا الموجب الى وكالات الاعتماد الدوليّة المستقلة للرفع من مكانة المؤسسة في شتى المجالات ومواكبة السباق العالمي نحو الريادة والتميز وفق احدث الطرق العلمية والتقنية. فهي، بالاضافة الى الشفافية والاستقلالية، محضَّرة بصورة أفضل، وتتمتَّع بتجهيزاتٍ وبمعلوماتٍ وبمرونةٍ أكثر، وهي أقدر على رفع معاييرنا المحلّيّة لتتماشى مع مقاييس الأداء الدوليّة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر ، نعمل في جامعة العزم على استحداث اختصاص فريد وحديث وهو قانون الجريمة Criminology، وهو دراسة علمية لطبيعة ومدى أسباب، وادارة السلوك الإجرامي على نطاق الفرد والمجتمع. ويُعنى علم الجريمة بدراسة الجريمة والمجرمين والسلوك الإجرامي والقضاء الجنائي دراسة علمية. يساعد علم الجريمة على فهم طبيعة الجريمة، حيث تساعد نتائج أبحاثه قادة المجتمعات والمسؤولين عن تطبيق القانون في جهودهم الرامية إلى منع الجريمة.

كما يساهم علماء الجريمة في التوصل إلى أفضل السبل لعلاج المخالفين. كما أنه سيتم اطلاق مركز العدالة الجنائية و اصلاح قطاع الأمن في الأشهر المقبلة تحت اشراف الدكتور عمر نشابة المتخصص بالعلوم الجنائية وحقوق الانسان .

سئل: ما هي أهداف هذا المركز و آلية عمله ؟ مركز العدالة الجنائية واصلاح قطاع الأمن في جامعة العزم يهدف الى تطوير المعرفة العلمية والبحث الأكاديمي في مجال الاجراءات القضائية الصحيحة والمحاكمات العادلة. نضف الى ذلك تحفيز الأبحاث العلمية المتعلقة بنسب وأنواع الجرائم في لبنان، ومكافحة الفساد والجرائم المالية، ورصد وتعقب الضالعين في الجرائم الإرهابية، وتفاصيل المحاكمات في الدوائر القضائية المدنية والعسكرية.

سينظم المركز مؤتمرات وندوات ومحاضرات وحلقات نقاش لعرض أبرز المساهمات البحثية في هذه المجالات. كما ستصدر نشرة دورية عن المركز تتضمن أبحاث ومقالات عن العدالة الجنائية وإصلاح قطاع الامن في لبنان. كما وسينضم عدد من الخبراء والقضاة والوزراء السابقين والضباط المتقاعدين الى المركز بهدف الاستفادة من تجربتهم ومعرفتهم والعمل معاً على تحديد مكامن الخلل والسعي لإصلاحه ولتطوير أداء مؤسسات الدولة بغية تأمين حقوق الناس.

سئل: هل سيكون المركز قادرا على مساندة أعمال اللجان المتخصصة في التحقيق في أحداث تفجير مرفأ بيروت؟ بالطبع نحن على أتم الإستعداد للتعاون مع اللجان المعنية بالتحقيقات، كما نرى ضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية أو عربية للكشف عن الأسباب التي أدت الى وقوع كارثة المرفأ.

ففي دولة تحتل عالميا المرتبة 137 من مجموع 198 دولة في الفساد وفق Corruption Perceptions Index ومع تقاعس السلطات اللبنانية على مر السنين عن التحقيق في أفعالها، توضح أن التحقيق الدولي وحده هو الذي يمكن أن يفضي إلى الإجابات والعدالة التي يستحقها اللبنانيون ويطالبون بها.

وكل شخص تثبت التحقيقات انه كان على علم بوجود هذه المواد الخطيرة في مرفأ بيروت يجب أن يساق إلى التحقيق… التحقيق الدولي هو الضمانة للحقيقة نتيجة واقع الفساد في لبنان وسياسة الأمر الواقع.

 

Post Author: SafirAlChamal