الحاج عبد الحميد تاج الدين.. لا يليق الموت بأمثالك

لا يوجد أحد في طرابلس لا يعرف الحاج عبدالحميد تاج الدين (أبوبلال) ذاك الرجل الشهم، الشامخ والشجاع الذي ترك بصمات في مدينته وبين أهلها خصوصا أيام الحرب الأهلية عندما أخذ على عاتقه تأمين المحروقات (بنزين ومازوت) لشريحة واسعة من المواطنين، فساهم في إزالة عتمة المنازل وفي تحريك عجلة الحياة في مدينة كان الحصار السياسي والأمني يُطبق عليها لتركيعها.

ناضل الحاج عبدالحميد تاج الدين لسنوات طويلة لضمان ديمومة وصول المحروقات الى طرابلس ومنع الاحتكار أو حرمان المدينة من حقها في الكميات التي يحتاجها ويستهلكها أهلها، فكان أحد أبرز أركان نقابة أصحاب المحطات في لبنان وأكثرهم حضورا وتأثيرا وجرأة وقوة، واضعا مصلحة أهله وناسه فوق كل إعتبار، فخاض صولات وجولات الى أن إستقرت الأمور وباتت المحروقات متوفرة للجميع بدون تمييز أو إستثناء.

لم يقصر الحاج عبد الحميد مع أحد، فكان سندا لكل محتاج، معينا لكل فقير، ومغيثا لكل ملهوف، داعما لكل جمعية أو هيئة إنسانية أو إجتماعية، حتى غدت محطته الشهيرة في أبي سمراء مركزا للخير والعطاء لبلسمة الجراح ورسم إبتسامات على وجوه كانت تفتقدها.

كان حضور أبو بلال طاغيا، فصاحب تلك الشخصية القوية المتميزة الذي لا يخشى في الحق لومة لائم، من الصعب أن يتقبل المرء فقدانه أو غيابه أو وفاته، خصوصا أن ما كان يتمتع به من هيبة ووقار يخفي وراءهما قلبا أبيضا ناصعا وطيب معشر وحسن جوار وصفات حميدة لا تعد ولا تحصى.

العم أبو بلال لا يليق الموت بأمثالك ممن كانوا يملأون محيطهم حيوية ونشاطا وعطاء، فعذرا ربما قصرنا في حقك وظننا أن إنقطاعك عن عملك اليومي وعنا هي إستراحة محارب مؤقتة، قبل أن يفجعنا الخبر الأليم، لكنها في النهاية مشيئة الله الذي لا راد لقضائه.

لتبقى مسيرتك وروحك نبراسا ونموذجا لمن بعدك، وكل العزاء الى شريكة العمر والتعب والنضال، والى الأعزاء بلال، إيمان، راوية، روعة والزميلة بشرى الذين خسارتهم بك لا ولن تعوّض، لكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك لمحزونون.. رحمك الله.

                                                                                        غسان ريفي

 

 

شُيع الحاج عبدالحميد تاج الدين عقب صلاة ظهر اليوم الخميس في جامع طينال، ووري الثرى في مدافن باب الرمل بحضور شخصيات إجتماعية ودينية وأهلية وحشد من أبناء طرابلس.

وقد إعتذرت عائلته عن تقبل العزاء بسبب الأوضاع الصحية الراهنة.

Post Author: SafirAlChamal