لا إصلاح حقيقي من دون معالجة قضية السلاح!… صفوح منجّد

منذ الإنفجار القاتل في مرفأ بيروت قبل إسبوع وجدت نفسي أسترجع في ذاكرتي الشريط السينمائي الذي لطالما شاهدناه خلال طفولتنا والذي يتناول الحريق الكبير في مدينة روما حينما عمد إمبرطورها نيرون عام 64 للميلاد إلى حرقها وأطلّ من شرفته وهو يعزف على قيثارته متابعا الحريق والدمار الذي زاد من حدته إنفجار بركان ″فيزوف″ فإندلعت النيران في كل إتجاه وتوزعت أشلاء الناس على إمتداد المكان من ساحات المدينة إلى بحرها..

خُيّل لي يومها أنّي أشاهد حقيقة فيلما سورياليا، وزادني ألما أن أرى نيرون يطل من سور بولفار الصيفي متفقدا ما تمكّن من رؤيته من نيران ودمار ساعة المغيب، وصحيح أنه أضاع قيثارته غير أنّ تحطّم الزجاج وتكسير الجدران والمواد المعدنية من حديد ومركبات وسيارات وأنين الجرحى والضحايا كل ذلك شكّل سيمفونية حقيقية تعبيرية بكل ما يمكن تخيله من آلات موسيقية.

ومع إنقضاء الأيام القليلة الماضية ببطء مميت فإن الأحداث والتطورات كانت تتسارع وتصبح أكثر مأساة وتتكشّف عن أبشع جريمة يتعرض لها لبنان في الزمن الحاضر، ولم ندرك للوهلة الأولى حقيقة المواقف والتطورات التي أعقبت إنفجار بركان الموت لكننا سرعان ما تبادر إلى الذهن جملة من التساؤلات ليس أقلها حقيقة السكوت من قبل حزب الله عن الذي جرى حيث تبيّن للقاصي والداني تخبطه في كيفية لفلفة الموضوع على خطورته؟ ولماذا لم يبادر كعادته إلى إتهام إسرائيل بتدبير ما حصل؟ ولماذا أيضا لم يسارع إلى حماية صنيعته الدكتور حسان دياب ومنع حكومته من الإنهيار والإستقالة؟ .

أمّا وأنّ رئيس الحكومة قد أعلن عشية مرور إسبوع على الجريمة، إستقالتها غير المأسوف عليها، فلا بد من تسجيل بعض المواقف وفي مقدمها السؤال عن من دفع تلك “الدمية” في إطلالتها الأخيرة الى إتخاذ قرار بإحالة جريمة التفجير على المجلس العدلي في حين أن “السيد نصرالله” سبق له في إطلالته بعد يومين من التفجير أن أعلن ثقته بالجيش وطلب أن يتسلّم التحقيق وإستبعاد إحالة القضية على التحقيق الدولي، في حين أنّ مراقبين قد أثاروا مسألة تواجد عناصر من الحزب والمقاومة في مكان الجريمة بُعيد حصولها وجالوا بواسطة الموتوسيكلات في مكان التفجير.

وعلى وقع إستمرار أعمال إستخراج جثث الضحايا والشهداء بدأ الإهتزاز في ثلاثية “الرجل الجفصين والمنافق والدمية” وخرج الأخير ليس فقط من كرسيه ولكن إلى غير رجعة إلى الحياة السياسية في أعقاب سلسلة الأخطاء والخطايا التي إرتكبها ودفع بالبلاد إلى مخاطر حقيقية، وطبعا هذه الإستقالة لا تتطلب مهلا على غرار العديد من المهل التي سبق أن طالب بها الدكتور دياب سواء بالنسبة لمعالجة القضايا المالية والتي أثبت فيها عجزه الكامل وكذلك في أعقاب الإنفجار الزلزال حيث أكّد أنه سيُعدّ حلا جذريا خلال خمسة أيام وطبعا لم يفعل، وبالتالي لم ينتظره أحد.

لقد بات من الطبيعي القول وإنطلاقا من مواقف أهل الضحايا والمتضررين ومن ثوار الساحات الحقيقيين، انّ المطلوب حل عربي – دولي، فلا إصلاح حقيقي من دون معالجة قضية السلاح، والسلطة المتوحشة لا تشبع من الأشلاء والدمار، بل تطلب المزيد كلما رأت أنّ بإمكانها الإنقضاض على الناس وكمّ أفواههم ومصادرة حقوقهم، وكل محاولة لعرقلة قيام حكومة جديدة ومحاولة الإلتفاف على المطالب الشعبية في سعي لإعادة تجربة الحكومة المستقيلة ببرنامجها وأعضائها لن يكتب لها النجاح، ويمكننا أن نقول منذ الآن للساعين والطباخين رقمي (16 و17) من ترتيب الحروف الأبجدية.

 

Post Author: SafirAlChamal