كارثة مرفأ بيروت: لبنان منكوب… عبد الكافي الصمد

لن يخرج أهل بيروت خصوصاً واللبنانيون عموماً من صدمة الإنفجار الضخم الذي هزّ مرفأ بيروت خلال وقت قصير، لأن حجم الإنفجار والدمار الهائل الذي خلفه، والتداعيات السياسية والإقتصادية والإمنية للإنفجار تحتاج إلى وقت طويل من أجل فهمها واستيعابها، قبل البدء في معالجة أضرارها وذيولها التي فاقت ما تعرّضت له المدينة أيّام الحرب الأهلية.

فقد احتاج البيارتة واللبنانيون إلى ساعات قبل أن يستوعبوا حجم الدمار الهائل والواسع الذي امتد على دائرة تصل إلى 12 كيلومترا، بحيث لم يبق بيت أو متجر أو مركز أو بناية أو سيارة أو مؤسسة عامة أو خاصة، إلا وتضرّرت كلياً أو جزئياً، إلى حدّ جعل البعض يصف ما حدث في العاصمة بأنه أشبه بزلزال، أو إلقاء قنبلة نووية عليها.

فما حصل في 4 تموز كان كارثة بكل معنى الكلمة، ولعل أبرز ما يمكن التوقف عنده في هذا السياق النقاط التالية:

أولاً: كشفت معطيات أولية أن حجم الخسائر التي تسبب بها الإنفجار لا تقل عن 50 مليار دولار، وهو مبلغ يصعب جداً تأمينه لإعادة تأهيل ما تسبب به الإنفجار والتعويض على سكان بيروت وضواحيها المتضرّرين، إذ أن البلاد كانت بحاجة إلى 10 مليارات دولار تقريباً كي تخرج من أزمتها المالية ودعم العملة الوطنية المنهارة، ولم يتأمن المبلغ لأسباب مختلفة، فكيف سيتأمن الآن خمسة أضعاف المبلغ المطلوب؟.

ثانياً: أشارت تقديرات إلى أن عشرات آلاف العائلات في بيروت والضواحي باتوا بلا مأوى أو أن مأواهم تضرّر كليّاً أو جزئياً، ما يعني أن كارثة حقيقية لحقت بهم، كما طرحت اسئلة عديدة حول كيف سيستطيع هؤلاء إصلاح الأضرار التي لحقت بهم، وأغلبهم يعاني من أزمة معيشية تجعلهم بالكاد يستطيعون تأمين لقمة العيش، وكيف ستساعدهم حكومة بلادهم التي تعاني أصلاً من الإفلاس وضيق الحال، وسط غياب أي دعم خارجي جدّي لإعادة الإعمار والتعويض، ما يعني أن مستقبلاً أسوداً وأياما ًصعبة تنتظر هذه العائلات المتضررة.

ثالثاً: الإنفجار الضخم الذي شهده مرفأ بيروت، وجعل العاصمة منكوبة بشكل غير مسبوق في تاريخها، حتى في أيّام الحرب الأهلية، نظراً للأضرار البشرية والمادية والمعنوية الهائلة التي خلفها وراءه، يفرض تعاطياً حكومياً وسياسياً مختلفاً مع أغلب القضايا في المرحلة المقبلة، لأنّ حجم الكارثة والخسائر أكبر من أن تحصى أو تعوّض، ولأن الإستمرار في إدارة الأمور في المرحلة المقبلة بالعقلية نفسها لم يعد مجدياً ولا مقبولاً، وبات مفروضاً إجراء نفضة على كل الصعد واستنفار واسع لمختلف الطاقات بهدف التخفيف من آثار الكارثة وإزالة تداعياتها.

رابعاً: الأزمة الإقتصادية والمالية الخانقة وما رافقها من إنهيار تاريخي لليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، والأزمة المعيشية التي جعلت أكثر الشعب اللبناني فقيراً ومحتاجاً ومعدماً، إضافة إلى أزمات البطالة والركود والتضخّم وغيرها، كل ذلك بات يهدد بانفجار إجتماعي لا سابق له، وبانفجار أمني سيكون نتيجة له لا محالة.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal