قلقٌ عربي وتشاؤمٌ داخلي: لبنان يُسرع الخطى نحو الهاوية… عبد الكافي الصمد

بعد صمت إمتد أشهراً، وتحديداً منذ اندلاع شرارة الحراك الشعبي في لبنان في 17 تشرين الأول 2019، بما يشبه التنصّل من المسؤولية وإدارة الظهر إلى بلد عربي يعدّ من بين الدول القليلة التي أسست جامعة الدول العربية في أربعينات القرن الماضي، عاد الإهتمام إلى لبنان مؤخراً من قبل جامعة الدول العربية، بعدما لمس المسؤولون فيها خطورة الأوضاع المقبلة على لبنان، وتهديدها لأمنه واستقراره ووحدته.

فالتصريح اللافت الذي أدلى به أمس الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الذي يحمل في طيّاته بذور قلق واضحة على وضع لبنان في المرحلة المقبلة، ليس نابعاً من فراغ، لانه لو لم يكن أبو الغيط يملك معلومات غير مطمئنة على بلد عضو في الجامعة لما أعلنه بهذا الوضوح، وكأنّه يحذر من ضياع بلد عربي آخر ودخوله في دوامة الفوضى والحرب والدمار كما حصل مع دول عربية أخرى، مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن تحديداً، علماً أن جامعة الدول العربية تعاطت سابقاً مع ملف الأزمة اللبنانية إبّان الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، وتعرف بدقة تفاصيل وتعقيدات الأزمة اللبنانية، وتشعباتها الإقليمية والدولية.

ويكفي أن يقرأ اللبنانيون، مسؤولون ومواطنون، تصريح أبو الغيط حتى يدركون حجم القلق على بلدهم، والمخاطر التي تهدده، والمستقبل الأسود الذي ينتظره إذا استمر في الإنزلاق نحو الهاوية، وعدم فرملة الإنهيار، وإيجاد حلّ لأزمات البلد بأي ثمن قبل فوات الأوان.

أبو الغيط قال في تصريحه إن ″الوضع في لبنان خطير للغاية، ويتجاوز كونه مجرد أزمة إقتصادية أو تضخماً″، مشيراً إلى أنها ″أزمة شاملة لها تبعات إجتماعية وسياسية خطيرة، وأنه يمكن للأسف أن تنزلق لما هو أكثر خطراً″، معرباً عن خشيته من أن ″يتهدد السلم الأهلي في البلاد بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي يتعرض لها اللبنانيون″.

أبو الغيط الذي وجّه نداءً إلى الدول والهيئات المانحة بـ″ألا يتركوا اللبنانيين وحدهم في هذا الظرف الصعب″، أكد أنه ″لا بد من أن يكون هناك حل لإنقاذ الوضع الإقتصادي، لأن تبعات ما يجري ستطاول الجميع في لبنان وخارجه″، ومعبّراً عن اسفه كيف أن ″الطبقة السّياسية لا تستشعر هذه المعاناة غير المسبوقة، وأن هناك تغليب للمصالح الضيقة على مصلحة الوطن، وهو ما يُعمّق الأزمة″.

وإذا كان أبو الغيط قد وضع إصبعه على الجرح بما يتعلق بالأزمة اللبنانية، فإنه يخشى أن لا يكون قلقه أكثر من قلق سابق كان عبّر عنه تجاه دول عربية غرقت في أتون الحروب الأهلية والفوضى، بعدما وقفت جامعة الدول العربية، لأسباب عدّة، عاجزة عن إيجاد أي حلّ لأزمات وحروب دول أعضاء فيها، واكتفت بإبداء الأسف والقلق .. والبكاء على الإطلال.

غير أنّ تصريح أبو الغيط الذي كان جاذباً للإهتمام لمعرفة خلفياته، وهل أنه نابع من خوف حقيقي يستند إلى معلومات، أو مجرد موقف سياسي روتيني، لم يحجب مواقف يطلقها ساسة لبنان يومياً حول مستقبل بلدهم. فأحدهم يرى أن “المسار الذي نسير به سيؤدّي عاجلاً أم آجلاً إلى الكارثة”، وغيره حذّر من أن “الجميع يرى أن لبنان الكبير قد يختفي عن الخارطة”، فيما يرى آخر، من باب التنبؤ الأسود، أنه “قد لا يصل الحلّ دون الكثير من الدّمار والدماء”.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal