هل تنطلق الموجة الثانية من فيروس كورونا من طرابلس وجوارها؟… عبد الكافي الصمد

هلعٌ كبيرٌ ساد طرابلس وجوارها في نهاية الأسبوع الماضي بسبب ظهور عدد كبير من الإصابات بفيروس كورونا كوفيد ـ 19، وصل إلى 19 إصابة، وهو أعلى رقم يسجل في المدينة ومحيطها منذ ظهور الفيروس في لبنان وتفشيه فيه، ما أثار مخاوف من أن يكون تطوّر الأمر على هذا النحو مقدمة لوقوع المدينة فريسة للفيروس بعدما ظنّ الطرابلسيون والشماليون أنهم بمأمن من إصابتهم به، ولو إلى حد معين، مقارنة بمناطق أخرى.

لكن هذا الإطمئنان النسبي سرعان ما تلاشى بعد الإعلان تباعاً، عن ظهور 6 إصابات بين صفوف العاملين في مرفأ طرابلس، و9 إصابات في بلدة وادي النحلة، وإصابتين في محلة المنكوبين المتاخمة لها، وإصابتين أخرين في مخيم البداوي المحاذي للمنطقتين.

وبرغم أن هذا الوضع دفع وزارة الصحة ومنظمة الأونروا والفصائل الفلسطينية في مخيم البداوي إلى الإستنفار، واتخاذ ما أمكن من إحتياطات، خشية أن يكون تفشي الفيروس على هذا النحو مقدمة فعلية لظهور الموجة الثانية من الفيروس، التي جرى التحذير منها مطولاً من قبل جهات عدة، محلية ودولية، دعت إلى عدم الإطمئنان لتراجع عدد الإصابات بالفيروس، وعدم التراخي في سبل الوقاية والحماية منه، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى وقوع إصابات أكبر بالفيروس في الموجة الثانية.

هذه المخاوف من الموجة الثانية من تفشي الفيروس، قارنها البعض بما حصل في إسبانيا مطلع القرن الماضي، عندما تفشى فيها مرض الطاعون، وعندما تراخت الدولة والمواطنين في سبل الوقاية منه، جاءت الموجة الثانية منه التي أزهقت أرواح أضعاف من لقوا حتفهم بالموجة الأولى؛ وما شهدته إسبانيا شهدته دول أخرى تراخت مع إنتشار الطاعون فيها أو الأمراض الوبائية الأخرى.

ولعل الأرقام التي توزّعها منظمة الصحّة العالمية عن الإصابات والوفيات بالفيروس تدعو فعلياً إلى القلق، خصوصاً بعدما قارب عدد المصابين في العالم بالفيروس، حتى يوم أمس، 9 ملايين مصاب، والوفيات 468 ألفاً، يتركز أغلبهم في أوروبا 40 % وأميركا الشمالية 33 % قبل أميركا الجنوبية 15 % وآسيا 10 % وإفريقيا 2 % وأوقيانيا أقل من 1 %.

وعلى صعيد الدول، تحتل الولايات المتحدة الأميركية المرتبة الأولى في عدد الإصابات والوفيات في العالم (مليونين و344 ألف مصاب و122 ألف وفاة) تليها البرزيل (أكثر من مليون مصاب وأكثر من 50 ألف وفاة) وبريطانيا (304 آلاف مصاب وأكثر من 42 ألف وفاة)، وهي أرقام مفزعة لا تدعو أبداً إلى الإطمئنان، لأنه إذا كانت دول العالم المتقدم إقتصاديا وصحياً لم تستطع مواجهة الفيروس والقضاء عليه، فكيف الحال في الدول الفقيرة والمتخلفة ودول العالم النامي.

في لبنان لا يبدو أنّ المخاوف من تفشي الفيروس ستقف عند هذا الحدّ، خصوصاً في ظل التراخي في إجراءات الحكومة والوزارات المعنية، وعدم مبالاة المواطنين بالأمر، وعودة الإعتصامات والتحرّكات في الشارع والمخالطة بين المواطنين وكأنّ شيئاً لم يكن، وما يزيد نسبة المخاوف إقتراب موعد فتح مطار بيروت الدولي مطلع الشهر المقبل، بالتزامن مع عودة دفعات جديدة من اللبنانين لبلادهم من دول الإغتراب الذين تسجل بين صفوفهم إصابات أكبر بالفيروس، وهو ما سجل أمس؛ فمن أصل 51 إصابة سجلت تبين أن عدد الإصابات ضمن الوافدين بلغ 32 إصابة، بينما الإصابات بين المقيمين لم تزد على 19 إصابة.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal