الشبعان كرامة.. لا يقبل التهديد بجهنم…غسان ريفي

وصل اللبنانيون الى درجة من الاحباط واليأس لم تعد تنفع معها شعارات أو مجاملات أو وعود أو حتى تهديدات بالملاحقات والسجن، خصوصا بعدما وجدوا أن السلطة الحاكمة بدأت تمسّ بثوابت ومسلمات من شأنها أن تسيء الى جوهر لبنان والى المميزات التاريخية التي جعلته بلد الرسالة في هذا الشرق.

لا يختلف إثنان على أن السلطة فقدت كل أساليب التخاطب مع مواطنيها ما يجعل الهوة القائمة تزداد إتساعا بين شعب يتطلع الى العيش الكريم من خلال تأمين أبسط مقومات الحياة، وبين سلطة ترمي بالمسؤوليات على الآخرين وتتنصل من الأزمات، وتستخدم مبدأ العصا والجزرة، بينما المطلوب واحد وهو تحقيق الاصلاح وتشكيل الهيئات الناظمة للقطاعات الحيوية، وتغيير آلية الحكم في لبنان لكي تحصل الدولة على المساعدات الخارجية الكفيلة بحل جزء من الأزمة.

يجامل رئيس الحكومة حسان دياب اللبنانيين، فيقول في خطابه الأخير: “لبنان ليس مفلسا بل هو غني بكم”، وتتبعه نائبة رئيس “التيار الوطني الحر” مي خريش بالقول: “الشبعان كرامة لا يمكن أن يجوع”..

هذا الكلام يستفز المواطنين ويخرجهم عن طورهم ويدفعهم الى مزيد من التحركات في الشارع، كونه “لا يسمن ولا يغني من جوع”، وهو لزوم ما لا يلزم في هذه المرحلة التي يتلافى فيها اللبنانيون الجوع للحفاظ على كراماتهم التي بدأت تهدر في طوابير الذل أمام المصارف وعلى أبواب الصرافين خشية الافلاس في بلد لم يعد غنيا لا بمال ولا ببيئة ولا بمقومات ولا بحرية تعبير.

في المقابل يُصدر القضاء قرارا بملاحقة من كل يسيء الى رئيس الجمهورية على مواقع التواصل الاجتماعي أو في الأماكن العامة، ويسارع الى تطبيقه بتوقيف بعض الناشطين وفي مقدمتهم ميشال شمعون وكيندا الخطيب، فيما يخرج النائب آلان عون على اللبنانيين مهددا إياهم بـ “جهنم التي ستفتح على كل من يتطاول على العهد ورئاسة الجمهورية”، متناسيا أن “جهنم” التي يهدد بفتحها، قد دخلها اللبنانيون منذ إنطلاق العهد القوي، بدءا من جهنم تقييد الحريات، مرورا بجهنم الدولار الذي فاق الخمسة آلاف ليرة، وجهنم البطالة والفقر والغلاء الفاحش والجوع، وجهنم الحرائق التي تجتاح الأخضر واليابس، وصولا الى جهنم المصارف التي أكلت المال والرأسمال معطوفة على الصيارفة الذين يتحكمون بمقدرات البلد والسوق السوداء التي تسرق المدخرات.

لم يكن ينقص اللبنانيين سوى أن تكمّ السلطة أفواههم وأن تلاحقهم وتدخلهم الى السجون بسبب آرائهم وتعليقاتهم، بدل أن تعتذر لهم ومنهم عما صنعته أيديها وأيدي المحسوبين عليها بهم، فإذا كانت الاساءة بتعليق أو كتابات الى رئيس البلاد تسيء الى صورة وسمعة الوطن، فماذا عن إطلاق العميل عامر الفاخوري وإنتهاك السيادة اللبنانية بسحبه بمروحية أميركية من السفارة في عوكر؟، وماذا عن التقنين الكهربائي القاسي في القرن الواحد والعشرين؟، وماذا عن النفايات المنتشرة أفقيا وتلوث الأجواء والمياه الجوفية؟، وماذا عن الهدر والفساد والسمسرات والصفقات والمحاصصات والمشاريع المشبوهة والفيول المغشوش وصولا الى الافلاس؟، وماذا عن الرواتب التي خسرت 70 بالمئة من قيمتها وأدخلت اللبنانيين الى نادي الفقراء؟، وماذا عن لجوء البعض الى التفتيش في حاويات النفايات للحصول على بقايا الطعام؟.

لم يكن لبنان يحتاج الى قانون لملاحقة من يسيء الى رئيس الجمهورية، بل كان يحتاج الى رئيس يواجه هذه الأزمات ويعمل على حلها وعلى إنصاف شعبه والدفاع عنه، لكي لا يتجرأ أحد على الاساءة إليه!!..


مواضيع ذات صلة:

  1. طرابلس رهينة الفوضى.. و″ليس في كل مرة تسلم الجرة″!… غسان ريفي

  2. فيلم ″أكشن″.. من بطولة حسان دياب!… غسان ريفي

  3. رئاسة الحكومة في مهب التنازلات.. وميقاتي يقرع جرس الانذار!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal