فشل الحكومة.. يستدعي طاولة حوار!… غسان ريفي

بات معروفا في لبنان انه عندما يشتد الخناق السياسي والامني والاقتصادي وتصل الامور الى نقطة اللاعودة، يلجأ اهل الحكم الى طاولة الحوار التي يعقدها رئيس الجمهورية ويدعو اليها كل من الرؤساء السابقين ورؤساء الكتل النيابية والاحزاب السياسية، على أمل تقريب وجهات النظر والخروج بحلول للازمات التي ترخي بثقلها على البلاد والعباد..

يدرك من يعنيهم الامر ان الانهيار الذي بلغه لبنان لم يعد تنفع معه مسكنات او تدابير تقليدية او الايهام بانجازات وهمية، خصوصا ان الازمة هذه المرة حقيقية في وقت يُترك فيه البلد لقدر الافلاس وتلاشي الدولة ومؤسساتها في ظل عهد فقد قدرته على الحكم وحكومة تعيش في كوكب آخر، تتلهى بالتنظير وتوحي بالمعالجات بينما الازمة في مكان آخر. 

كما يبدو واضحا ان الجميع وصل الى طريق مسدود، فالدولار يتوحش اكثر فأكثر ويلتهم ما يضخه مصرف لبنان من سيولة الامر الذي بات يهدد الاحتياطي بالعملة الاجنبية الذي يستخدم لاستيراد المواد الاساسية والاولية، والغلاء يرخي بظلاله القاتمة على المواطنين والبطالة تفتح الباب امام اللبنانيين للدخول الى نادي الفقراء، والشارع يغلي ويستخدم لمآرب شتى، والفتنة صاحية تطل برأسها بين الحين والاخر لتهدد السلم الاهلي والوحدة الوطنية وتعيد البعض الى استخدام مفردات الحرب.

وفي غضون ذلك، فشلت الحكومة في مواجهة التحديات، وفقدت ثقة اللبنانيين، كما لم تحصل على ثقة المحيط العربي والمجتمع الدولي، ولم يبدل حديث رئيسها حسان دياب عن 97 بالمئة من الانجازات من واقع الحال شيئا، بل زاده تأزيمًا حيث فقدت الطوابع من الاسواق، وغابت اخراجات القيد لاول مرة في الجمهورية اللبنانية، وتوقفت كاميرات المراقبة العائدة لغرفة التحكم المروري ما يعني ان الشوارع اللبنانية باتت مكشوفة امنيا وغير ذلك كثير.

كل هذا الفشل استدعى لجوء رئيس الجمهورية ميشال عون الى طاولة حوار في 25 الشهر الجاري، لاعطاء عهده بعض الزخم الذي يبقيه على قيد الحياة، ولاعادة وصل ما انقطع مع سائر الافرقاء لا سيما الموجودين خارج الحكم، ولبث روح الامل بين اللبنانيين الذين باتوا اسرى اليأس من امكانية الانقاذ.

كل الجهود تنصب اليوم على تلافي صورة طاولة الحوار الاقتصادي التي غابت عنها الميثاقية، وافتقدت الصفة الوطنية بغياب بعض التيارات، لذلك فان الاجتماعات تنشط وكذلك الاتصالات لكي يكون الحوار جامعا، بالرغم من الاشارات السلبية التي صدرت عن بعض المراجع والتي يحاول اللواء عباس ابراهيم معالجتها، حيث تشير المعلومات الى ان الحراك السياسي الناشط من عين التينة الى بيت الوسط الى معراب، والمختارة وطرابلس من شأنه ان يثمر عن نتائج ايجابية بحضور كل الاقطاب، شعورا منهم بحجم الازمة وضرورة العمل على انقاذ ما يمكن انقاذه.

امام هذا الواقع يمكن القول، ان الخاسر الاكبر والوحيد في هذه الطاولة سيكون الرئيس حسان دياب لان انعقادها يعني فشل حكومته، كما ان مشاركته الى جانب المعارضين له ولورقته الاصلاحية ومفاوضاته مع صندوق النقد الدولي وآداء حكومته، هو قمة الاحراج، فكيف يمكن لرئيس الحكومة ان يجلس ويناقش الازمة وكيفية الخروج منها مع الذين حملهم مسؤوليتها، ثم اعلن الحرب عليهم بعد اتهامهم بالفساد وتخريب الاقتصاد على مدار ثلاثين سنة خلت؟ وكيف يمكن له ان ينسق مع من اتهمهم بالانقلاب عليه لاسقاطه؟ وكيف يناقش سبل الانقاذ مع من اتهمهم بالهروب والتخلي عن المسؤوليات؟..

ربما توحي طاولة الحوار في حال اكتمالها بأجواء ايجابية قد تخترق جدار اليأس الذي يرتفع يوما بعد يوم امام اللبنانيين، لكن في الوقت نفسه قد تطلق رصاصة الرحمة على الحكومة، خصوصا ان الوضع الاستثنائي الضاغط بات يحتاج الى حكومة استثنائية من المرجح ان تكون حكومة اقطاب من اجل الانقاذ.


مواضيع ذات صلة:

  1. طرابلس رهينة الفوضى.. و″ليس في كل مرة تسلم الجرة″!… غسان ريفي

  2. فيلم ″أكشن″.. من بطولة حسان دياب!… غسان ريفي

  3. رئاسة الحكومة في مهب التنازلات.. وميقاتي يقرع جرس الانذار!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal