هل يكون ″الخيار المسيحي الثالث″ للحريري ثابتاً هذه المَرّة؟… مرسال الترس

لا أحد في لبنان يحسد رئيس الحكومة السابق زعيم تيار المستقبل سعد الحريري على الوضع الذي آل إليه، ولاسيما بعد خروجه “الملتبس” من الرئاسة الثالثة، وبعد التحرك الذي يقوده شقيقه الأكبر بهاء على الساحة اللبنانية، وإن بالواسطة. ولعل المشهد الذي ظهر به الشيخ سعد يوم السبت الماضي من وجوم واشمئزاز أثناء تفقده للأضرار في وسط بيروت هو أفضل تعبير لما آلت إليه حاله.

إزاء الواقع المستجد لا يُخفى أن زعيم التيار الأزرق يسعى بكل ما أوتي من زخم للعودة إلى السراي، لأمرين الأول: وقف إندفاعة الرئيس حسان دياب الذي يطمح إلى تثبيت حضوره كرئيس “مختلف عن الآخرين”. والثاني: إعادة إنتاج تحالف مع شريك ماروني لإكمال صورة الترويكا الحاكمة.   

وفي هذا السياق لا بد من إلقاء الأضواء على ما حصل بين الحريري وابرز الأفرقاء الموارنة خلال الخمسة عشر سنة المنصرمة:

الكل يُدرك أن التركيبة التي جرت حياكتها في العاصمة الفرنسية والتي اوصلت النائب العماد ميشال عون الى قصر بعبدا كأقوى شريك ماروني مع أقوى شريك سني قد أصابها زلزال، ربما لم يكن مدمراً كما تقول بعض الأصوات، ولكنه بالتأكيد قد أحدث إختلالات كبيرة في الصفائح التي أقيمت عليها تلك التركيبة، وأهمها الثقة التي فُقدت بين الطرفين، وتبادل الإتهامات. ولعل ما صدر من مواقف متصادمة بعد إستقالة الشيخ سعد، قد كشف عمق الشرخ الذي حدث وبخاصة مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المتفرد بترشيحات التيار البرتقالي إلى إنتخابات الرئاسة.

والكل لمس بالبرهان القاطع ما آلت إليه علاقة الحريري مع حزب القوات اللبنانية ورئيسه سمير جعجع وبخاصة على هامش أزمته في السعودية عام 2017، مع العلم أن الحريري كان ينتظر من الجميع أن يقفوا ضده إلاّ جعجع الذي خرج من السجن عام 2005 باحتفالية حريرية ظن حينها الحريري أنه قد وضع “رئيس تنظيم ماروني فاعل” في جيبه السياسي الصغير، يمكن تحريكه ساعة يشاء بوجه “تسونامي عون”. لكّن رياح 14 آذار هبّت على عكس ما يشتهي الحريري الذي إكتمل نقله بزعرور جعجع عام 2019 عندما رفض ترشيحه لرئاسة الحكومة. وبالتأكيد لن يضع الحريري يده تحت بلاطة جعجع مرة أخرى مهما كانت الأسباب، وهذا ما أشار اليه جعجع مواربة في آخر حديث صحفي. وبخاصة أن “البخار قد غطى معراب” وفق وصف الحريري. 

وإذا وضعنا حزب الكتائب على لائحة الإنتظار الطويل نظراً لتجربته غير الناجحة في رئاسة الجمهورية في ثمانينيات القرن الماضي، تبقى علاقة الحريري مع رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه هي المحور وهي المؤهلة للتفعيل مجدداً من منطلق أن رئيس التيار الأزرق يصوّب على هدفين: الأول محاولة تعويض ما إقترفه الحريري بحق “أبو طوني” عشية الانتخابات الرئاسية في العام 2016 حيث سحب ترشيحه له بعد دعم لم يعمّر طويلاً، والثاني قهر باسيل وردّ له الصاع صاعين.

صحيح أن سليمان بك قد إمتص صدمة ذلك الانقلاب، وأبقى على علاقة أكثر من ودية مع الحريري الذي بات يشعر بذنب ما إقترفت يداه ولا شك أنه يرغب في رد الجميل بأحسن منه، إذا ما أُتيحت له الفرصة أن يبقى “بي السنّة” في لبنان ولم يستطع أحد أن يسحب له البساط من تحت رجليه قبل إجراء أية انتخابات نيابية مقبلة.  


مواضيع ذات صلة:

  1. تجهيل الفاعل.. سيأخذ البلاد إلى الأسوأ… مرسال الترس

  2. مَن يتّهم مسيحيي لبنان بالعمالة لاسرائيل؟… مرسال الترس

  3. عندما تختلط ″الكورونا″ اللعينة بالاعتبارات الموبوءة!… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal