لبنان دخل النفق.. ولا بصيص أمل قريب في الأفق!… عبد الكافي الصمد

باستثناء ما أعلنه وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار، يوم أمس، بعد لقائه مع وفد من اتحاد وكالات السياحة والسفر، وإعلانه أمامه أنّ “مطار بيروت الدولي سيتم فتحه أوائل شهر تموز المقبل، مبدئياً، لتعجيل نمو الحركة الإقتصادية وعودة الحياة إلى كل القطاعات”، فإن كل الأخبار والتقارير تقريباً كانت سلبية، وتضع المواطن تحت ضغط مسبق لثقل الأيام المقبلة وصعوبتها، أكثر مما هي الحال من صعوبة هذه الأيام.

وإذا كان قرب افتتاح مطار بيروت الدولي يشير إلى حصول “إنفراجة” قريبة، من شأنها أن تسهم بإعادة دورة الحياة إلى طبيعتها، وإعادة التواصل بين لبنان والخارج بعد طول انقطاع، منذ إغلاقه في 15 آذار الماضي بعد إعلان الحكومة حالة التعبئة العامة، فإن مؤشرات أخرى حفلت بها الأيام الماضية، تركت إنطباعات قاتمة ومتشائمة.

من هذه المؤشرات، سياسياً، أن الأزمة الإقتصادية والمالية الخانقة التي يعاني منها لبنان، وتداعياتها السياسية، ستستمر قرابة خمس سنوات مقبلة، حسب ما أشارت إليه مصادر سياسية يوم أمس وفق تسريبات في أكثر من وسيلة إعلامية، ما يعني أن أياماً سوداء تنتظر اللبنانيين إذا صدقت التوقعات.

ومن هذه المؤشّرات السلبية، والقريبة، تداعيات أزمة فقدان مادة المازوت من السوق لأسباب مختلفة، ما جعل أصحاب مولدات الإشتراك الخاصّة ينبّهون من أنهم قد لا يستطيعون تزويد المواطنين بالتيار في الأيام المقبلة إذا استمرت مادة المازوت مفقودة، إضافة إلى تحذير نقابة أصحاب المخابز والأفران من “بوادر أزمات كبيرة قد تصيب القطاع وسط أوضاع إقتصادية متردية تمرّ بها البلاد”، وأن “هذه الازمات تزيد من صعوبات يعاني منها أصحاب المخابز والأفران، لا سيما لجهة فقدان مادة المازوت، ما يؤثر على استمرارية العمل، والحاجة الملحة إلى سيولة للتمكن من تسديد المستحقات ووجود مواد أولية مسعرة بالدولار ضمن المشتريات”.

غير أن المفارقة في هذا الخصوص، أن الحكومة وبدلاً من أن تبذل جهودها لتأمين مادة المازوت لأصحاب المؤسسات والمصانع والمواطنين، تتحدث عن نيتها في رفع سعر صفيحة المازوت 5 آلاف ليرة إضافية، في موقف يعكس نوايا مبيتة عندها لاتخاذ هكذا قرار لا يستفيد منه سوى “كارتيل” تجار النفط، ويعطي إنطباعاً أن الأزمة مفتعلة للدفع نحو اتخاذ قرار رفع سعر صفيحة المازوت، وإمراره.

يضاف إلى ذلك إرتفاع سعر صرف الدولار الأميركي يوم أمس بشكل جنوني، واقترابه من عتبة الـ5 آلاف ليرة، بشكل يعكس خواء وهشاشة القرارات التي تتخذها الحكومة ومصرف لبنان من أجل ضبط سعر الدولار، وهو ضبط لم يتحقق عملياً منه أي شيء، برغم عشرات الإجراءات التي تتخذها السلطات السياسية والنقدية، ما يطرح أسئلة عدة حول عدم جدوى هذه الإجراءات المتخذة، وإلى أين يمكن أن يصل إنفلات السوق النقدي في جنونه الهستيري، وكم ستكون تكلفته على البلد واقتصاده ومواطنيه، وهل سيكون البلد والناس قادرين على التحمّل أكثر من ذلك؟.

وإذا ما أضيف إلى ذلك إرتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل كبير، وبدء الحديث عن فقدان بعضها في الأسواق، والبطالة التي أصبحت القطاع الأكبر في لبنان، والتسيّب الأمني وفوضى الإعتصامات والتظاهرات، كما حصل يوم 6 حزيران الفائت، وغياب الحكومة وأهل السلطة والطبقة السياسية عن المشهد وكأنّ ما يحصل لا يعنيهم، يمكن تلمس النفق الذي دخل لبنان إليه، من غير أن يلوح، حتى الآن، أي بصيص أمل في نهايته.  


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal